*دخول مرحلة الخطر المعتدل والتأقلم مع كورونا في ظل عودة مظاهر الحياة شبه الطبيعية لأدراجها في الأردن.
*هل انتصرنا على فيروس كورونا في الأردن مع عودة الحياة تدريجياً لسابق عهدها في مختلف المحافظات والقطاعات الاقتصادية ؟،وما هي أهم القرارات الجديدة التي صدرت عن رئاسة الوزراء حول عودة مظاهر الحياة لطبيعتها؟
هل نجحنا في القضاء على فيروس كورونا محلياً؟ هل أعلنا حالة الانتصار عليه مع ظهور ملامح أن مؤشرات الإصابة باتت تظهر بأرقام منخفضة مقارنة مع الأشهر الماضية؟ أم أن خطورة إعلان لحظة الفوز والانتصار على هذا الفيروس العنيد مبكرة؟ هل نحن أشبه ما نكون بحال حادثة المسلمين في معركة أحد ونزولهم عن الجبل معتقدين بأن الفوز أصبح حليفهم وغدر بهم العدو مما أدى الى خسارة المعركة؟
حال الأردن كحال بقية دول العالم، سواء في ظل هذه الأيام أو قادم الأيام هو انتظار لحظة التخلص نهائياً من فيروس كورونا، ونحن نعلم جميعا أن ذلك لا يتم ولا يحدث على الإطلاق إلا بتكاثف الجهود المبذولة، وتعاون جميع أركان الدولة والشعب ووعيه للوصول إلى الرقم صفر في تسجيل عدد الإصابات لأيام وأسابيع متتالية، وكل ذلك لا يتم الا بتظافر الجهود الشعبية والحكومية وإتباع كافة سبل الوقاية والحماية الصحية الصحيحة.
تظهر بعيون المراقب بإن ملامح الحياة الطبيعية الاعتيادية التي كانت قبل تفشي فيروس كورونا قد عادت بشكلها الطبيعي إلى حد كبير جدا وفق أسس ومعايير متبعة، في المقابل وبالجانب الآخر من المشهد الراهن فأن الحكومة تسعى جاهدة إلى رجوع بقية المؤسسات التعليمية إلى سابق عهدها، فالحكومة الآن في ظل هذه الظروف لا تستطيع المجازفة بعودة الجامعات الأردنية والمعاهد والكليات والمدارس للعمل حتى وإن كان وفق أسس ومعايير صحية متبعة، نتيجة للإحتكاك والاختلاط الكبير بين ابناءنا الطلبة، ولكننا بعون الله سنشهد في الأيام القادمة عودة الحياة لطبيعتها بشكل كبير وعودة ابناءنا الطلبة إلى مقاعد الدراسة ومتابعة العملية التعلمية.
وتظهر بعيون المراقب أيضاً مشهداً آخر لا يقل أهمية عن عودة المشهد التعليمي، ألا وهو عودة فتح دور العبادة مساجد وكنائس، وهذا ما سوف أتطرق له في مقالتي القادمة حول آلية عودة المساجد والكنائس لممارسة شعائرها الدينية وفق أسس ومعايير مشددة يجب على المصلين في حرم المساجد والكنائس اتباعها.
وتظهر بعيون المراقب كذلك جانباً آخر من المشهد الراهن وهو عودة الصحف اليومية للعمل، نعم بدأت بلادي بالتدرج بالعودة الى الحياة الطبيعية، بدأت بلادي بإستعادة بريقها وقوتها، لا أقول إننا انتصرنا انتصار نهائي على هذا الفيروس، بل أقول بإننا بدأنا مرحلة التأقلم ومعرفة طبيعته إلى حد ما، وانحساره بشكل كبير، وما يدل على ذلك الأرقام المنخفضة في عدد الإصابات كل يوم.
ولنعترف أن ذلك التأقلم مع هذا الفيروس المستجد جاء بمشقة وتكاثف جهود وتناسق سلس، جاء بأشهر سابقة من الحظر الكلي والجزئي، وبعد ملاحظة ورصد انخفاض الإصابات، واليوم نلمس هذه المؤشرات بفتح القطاعات وإعادة الحياة الطبيعية لإدراجها، وأصبحت لدينا حالة من الارتياح العام في صفوفنا كمواطنين، وتعززت لدينا القناعة بأن الإلتزام بالاحتياطات والتدابير الصحية حققت النجاح وهو ما سيفضي إلى النتائج السريعة في إنهاء حالة الحظر بشكل كامل، وأن حياتنا وعملنا وطقوسنا الاعتيادية ستعود كما كانت سابقًا خلال الفترة المقبلة.
في الأردن بشكل خاص وبعض الدول بشكل عام، أصبحت المؤشرات واضحة وضوح الشمس، وهذه المؤشرات هي دلالات النجاح وأيقونة الانتصار التي قاربت على تحقيق أهدافها، وكذلك بدت نتائج الحظر الشامل والجزئي والتباعد الإجتماعي واضحة للعيان، وفي المقابل هنالك مؤشرات واضحة على نجاح الاستراتيجية الأردنية في التعامل مع الفيروس، حيث لم يتبقى سوى الحالات القادمة من الخارج والمغتربين وسائقي الشاحنات من الدول المجاورة، يجب علينا كشعب نعيش في ظل دولة مستقلة محدودة الموارد والإمكانيات ولكنها أثبتت تماسك جبهتا الداخلية ورجاحة قرارتها الوقائية بين الدول بقدرتها على محاكاة الواقع والتعامل باحترافية عالية مع فيروس كورونا، التعامل مع هذه الحالات القادمة من الخارج وفق البروتوكول الطبي المعتمد بكل دقة واحترافية خوفاً من أي هجمة مرتدة شرسة لهذا الفيروس الفتاك.
بدأت والحمد لله القطاعات الإنتاجية حالها حال بقية القطاعات للعمل والتي تمثل النسبة الأكبر والأعلى في عدد الأيدي العاملة، وبدأت بقية المؤسسات بالتسلسل في العودة تدريجياً وغيرها من المنشآت العاملة، وفقًا لخطة العودة إلى مواقع العمل التي أقرتها الحكومة وعملت جاهدة على نجاحها، وسنلاحظ بأن الأيام المقبلة ستشهد عودة المزيد من القطاعات والمؤسسات الأخرى لميادين العمل.
البداية الحقيقية تتمركز نحو غد أفضل ومستقبل مشرق نسعى جميعنا لتحقيقه، من خلال الجهود الاستباقية والخطط الحكومية والجهود والتكاثف مع جميع القطاعات وأبناء الشعب، والرؤية والخطط الاستراتيجية والمتابعة الميدانية، وكذلك الجانب الصحي الجيش الأبيض وعمله المتقن وهو في خط الدفاع الاول في مواجهة الفيروس، وكيف كانت طريقته في التعامل والتحدي لهذا الفيروس الفتاك، والجانب الأمني وتطبيق وتفعيل قانون الدفاع، وحضارية المواطن الأردني، والبعد الإجتماعي والبعد الإعلامي المتميز وكذلك البعد الاقتصادي والسياسي، وكذلك خطة العودة لمواقع العمل تدريجيا بتكتيك حكومي، فإن كل ما سبق ذكره من عوامل وأسس كانت البوابة الأساسية للتأقلم مع هذا الوباء، هل يؤكد لنا في بادي الأمر نجاح الأردن في التأقلم مع هذه الجائحة في ظل الوضع الراهن؟ ووسط كل ذلك ايضاً يطرح السؤال هل الأردن بدأ بقطف ثمار الإجراءات القاسية مع عودة الحياة إلى شبه طبيعتها وسابق عهدها، ونجاح إدارة الازمة ولجنة الأوبئة في التعامل مع الخيارات المتاحة والملف المستجد بأسس صعبة في مواجهة هذا الوباء، ومن هنا ازدادت فرص النجاة من الازمة، بإتباع إجراءات السلامة العامة والوقاية والانضباط والحزم وكل ذلك يتطلب الحذر الشديد قبل ان نحتفي بالانتصار على هذا الوباء.
وحسب ما جاء من قرارات أخيرة والتي تتعلق بعودة الحياة لطبيعتها بتاريخ 2020/6/4 قرر مجلس الوزراء ما يلي: بدء العمل بمصفوفة مراحل التعامل مع وباء كورونا، وبالاستناد إلى مؤشرات الخطر الصحي؛ إذ تمّ تسجيل أقل من عشر إصابات محلية يوميّاً على امتداد الأيام السبعة الماضية، سيدخل الأردن ابتداءً من يوم السبت الموافق للسادس من حزيران 2020م مرحلة الخطر المعتدل.
وقد تم إقرار مجموعة من القرارات والتي تتعلق بأستمرار منظومة الحياة الطبيعية من خلال ما يلي: فتح المساجد والكنائس أمام المصلّين لأداء جميع الصلوات، مع الالتزام بضوابط وقيود التباعد والوقاية التي تحددها وزارة الصحة ووزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية ومجلس رؤساء الكنائس وفتح الحضانات، مع الالتزام بالضوابط والقيود الصحيّة والوقائيّة، فتح المطاعم والمقاهي (وفق ضوابط وقيود أيضاً)، فتح الأندية والفعاليات الرياضية (بدون جمهور)، فتح قطاع الفندقة والضيافة والذي يشمل الفنادق، والنُزُل، فتح المواقع السياحيّة لغايات السياحة المحليّة،
السماح بالطيران الداخلي.
وخلال هذه المرحلة؛ مرحلة "المستوى معتدل الخطورة" سيستمر إيقاف مجموعة محدّدة من القطاعات والأنشطة وهي: المدارس ورياض الأطفال، الجامعات والكليات والمعاهد ومراكز التدريب والمراكز الثقافيّة وصالات الأفراح وبيوت العزاء والأنشطة الشبابية (مثل المخيمات الكشفية وأي نشاط مخصص للشباب تتطلب طبيعته التجمع والتفاعل عن قرب)، دور السينما ومنشآت تنظيم الحفلات والمؤتمرات والمعارض والفعاليات الثقافية والمهرجانات والحدائق العامة ومدن الألعاب والأماكن الترفيهية.
واكدت الحكومة انه لن يتمّ تنفيذ أيام حظر شامل، خلال هذه المرحلة، وستكون الحركة مسموحة من الساعة السادسة صباحًا وحتى الثانية عشرة ليلاً يومياً للمواطنين، وستكون ساعات فتح وعمل المنشآت: من الساعة السادسة صباحاً حتى الحادية عشرة ليلاً يوميًا. مع التاكيد بأن هذه القرارات خاضعة للدراسة والتعديل بناء على مدى التزام المواطنين باجراءات السلامة العامة ومدة خطورة الوضع الوبائي في المملكة، وقد جاءت هذه القرارات المستجدة في يوم الخميس الموافق 2020/6/4 وهذا ما يؤكد لنا ان الأردن بدأت بدايات التأقلم مع الوضع الراهن، وندعو الله في كل حين أن يرفع عنا البلاء والوباء وعن سائر بلاد المسلمين.