الحكومة والنواب .. الرحيل ام الثبات؟
د. عدنان سعد الزعبي
04-06-2020 04:18 PM
من الواضح ان حمى الشارع الاردني تجاه قضية النواب والحكومة قد بدأ بالتصاعد والانشغال بالاجراء الذي سيتخذه الملك تجاه حل واجراء الانتخابات النيابية من جانب و بالتغيير او التعديل على الحكومة من الجانب الاخر , لكن السؤال الاهم , هل يفكر الناس اكثر بمسألة النيابية واستحقاقاتها . او بالحكومة وتبعاتها اكثر ؟. . فالناس تريد ان تعرف ما هو توجه الدولة في التعامل مع الظروف والتحديات الحالية وكيف سيتم التعامل مع استحقاقات المواجهات السياسية والاقتصادية القادمة . ضمن سياسة الاعتماد على الذات وبناء استراتيجية وطنية تلتفت الى الداخل وتتعامل معه بكل عناصرة بإعتباره الملجأ الاقرب لمواجهة ما يعانية المواطن ، رغم صعوبة ما نعانية من ضيق وفقر وبطالة ومحاصرات سياسية تحاول اسرائيل ومن خلال حلفائها التقليديين والجدد ممارستها علينا على الدوام .
ان من يعتقد ان الناس معنية كثيرا وفي مثل ظروفنا الحالية بقضية النواب ،انما يغفل عن ذهنه ان الانطباعية الاولى لدى الناس ان مسألة النواب اصبحت ترفا سياسا لا حاجة له، رغم استحقاقيته الدستورية ، فالتجربة النيابية قد اثبتت ان النواب مجرد ديكورا سياسيا لاستكمال النموذج السياسي المعتاد في الدول المتشبثة بنموذجها الديمقراطي , بدون فعالية او بصمات يستطيع المواطن الاردني ان يعول عليه مستقبل الوطن ومسيرته وصنع قراراته وسياساته واستراتيجياته , وترسيخ الحاكمية الرشيدة بعدالتها ومساواتها , وتفعيل القوى واستغلال الموارد على امثل وجه ، وبناء مجتمع قائم على العدالة والمساواة . فما شاهده المواطن عبر هذه البرلمانات المتعاقبة هو تحطيم لهاتين القيمتين اللتين تعتبرا مفتاح البناء في تطور وتقدم اي مجتمع واي بلد.
لا اعتقد انه يغيب عن التفكير الملكي البعد النوعي للنواب ودور المجلس الحقيقي في مرحلة تقييم الواقع ورسم سيناريوا المستقبل. حيث حان استحقاق الانتخابات النيابية دستوريا , وما يتبعها من استحقاقات تجاه الحكومة , ونوعية النواب الذين يجب ان يكونوا في المجلس السند والعضد للدولة وفق مفهوم الدولة المدنية بمعانيها وابعادها الكاملة , لا بالمفهوم التقليدي الذي خلق معادلة المال السياسي الذي يفرز النواب ويقدمهم خاصة ونحن نعيش ظروف اقتصادية صعبة ستفرض وجودها على غالبية المواطنين وعلى طبيعة المترشحين وواقع الانتخابات وخصاص المجلس القادم .
الاردن اجرى الانتخابات النيابية في ظروف سياسية اخطر واكبر من التي نعيشها , فالضغط ومحاولات العصابات الاسرائيلية مستمرة ضد الاردن ولم تقف لحضة . وعمليات ضم اجزاء من الضفة الغربية ، جزء من المخطط الاسرائيلي المعروف منذ نشأت اسرائيل ، وتقديم او تأخير الانتخابات لم ولن يؤثر على اي اجراء يمكن ان يتخذه الاردن تجاه الموقف الاسرائيلي , بل تتطلع اسرائيل الى التأثير على الاردن وادخالها في حالة عدم التوازن باي وسيلة كانت حتى يتم اشغالنا بانفسنا والتسهيل عليها تنفيذ قراراتها . ان افضل مواجهة مع اسرائيل هي المواجهة السياسية والدبلماسية الدولية والثنائية باعتبارهما الضاغط على عواصم صنع القرار وبالتالي الادارة الامريكية الملين الخاص للنظام الاسرائيلي . لهذا فانه من الطبيعي ان يظهر الاردن تماسكه وعدم تأثره بالمحاولة الاسرائيلية خاصة ونحن نتحدث عن دولة مؤسسات الفت على الدوام الاسلوب الاسرائيلي والضغط علينا تارة بالقدس وتارة بالمقدسات , وتارة بالمياه ..الخ .
المناخ العالمي باجمع مدرك ان ادارة ترامب خلقت توترا عالميا يكاد ان يعرض الامن والسلام العالمي للتهديد، وما الصراع المحتدم بين ادارة ترامب وكل من الصين وكوريا الشمالية والاتحاد السوفياتي والتهديدات المتبادلة الا صورة واضحه لهذا المأزق الذي يدركة صناع القرار السياسي في امريكيا ويعرفون ان ادارتهم تجرهم الى المعاناة اكثر فاكثر , وقد بينت الاحداث الاخيرة سواء من تداعيات كورونا او قضية جورج فلويد ان المجتمع الامريكي غير راضي تماما عن السلوكيات الادارية والاجتماعية لادارة ترامب الذي لم يتوانا بطلب الجيش لكبح المحتجين والمطالبين بالعدالة والمساواه . والذي دفع بالكثير من الجمهوريين لاستنكار ورفض مثل هذه السلوك الرئاسية التي اثرت بشكل كبير على مستقبل الحزب .
الوضع الامريكي اصبح ذا مسيرة واضحة متوقعة , ولا يمكن ان نعول على نتائجه لرسم مسيرتنا الاردنية , غير ان اتباع التصرف الطبيعي المنبثق من مصلحتنا الوطنية الداخلية واستحقاقها الداخلي ,يعود(تشديد الواو) الناس على ممارسته وفق فلسفة دولة القانون والدستور بغض النظر عن نتائج الانتخابات والشخوص القادمين في اي ادارة امريكية قادمة .
الانتخابات لا بد وان تجري بوقتها , لبيان ثبات الاردن ، وصدقه وثقته بالنفس , خاصة وان تحريك الشارع السياسي وتفعيله وتنشيط رجالات السياسة الذين خملهم السكون جراء كورونا ,اصبحوا ملزمين للتفكير من الحكومات العميقة في صنع مستقبل الوطن في مثل هذه الظروف التي نعيشها . كذلك تفعيل النشاط الاقتصادي في الداخل وقياس واقع وعي الناس تجاه سلوكيات الوقاية من كورونا ، وترسيخ العرف الدستوري واستحقاقاته لاجراء الانتخابات . وتحريك نهم الناس نحو التفاعل والحوار وبالتالي التعرف على التوجهات الوطنية العامة.
اما الحكومة , فان الجهد والتعب الذي بذلته والمسؤولية التي حملتها اثناء التعامل مع كورونا وتبعاته من ملفات اقتصادية واجتماعية ومالية وادارية وتقديم كل ما لديها , يحتاج الى استراحة حتى ولو كانت لمحارب , والاتيان بحكومة جديدة تكون قد استوعبت هذه المرحلة وتطلعت الى جهود كبيرة تخفف على الناس معاناتها وتمنح الناس الامل من جديد في المعافاة والنهوض بالوطن .