الوطن والمواطن بين (الهَمِّ والهِمَّةِ)
محمد حباشنة
03-06-2020 10:58 PM
ينتابني شعور غريب هذه الأيام ( ايام كورونا المستجد) وأقارنها بالكورونا المتجذرة او اليومية المعتادة بحياتنا.
اعتدنا نحن معشر المغتربين ان نحمل هم الوطن معنا بغربتنا الطويلة لأجل لقمة العيش لا رغده، لقمة العيش التي كافحنا من اجلها ولم نُرِق ذرة من ماء وجوهنا للحصول عليها، حافظنا على كرامتنا وكرامة وطننا حتى أصبحنا مثلا بين باقي الجنسيات المغتربة ببلدان الشتات والبترول، عملنا بهمةٍ وجدْ، غير متخلين عن اسم الوطن وشرفه ورفعته، فقد كان شريكنا بهمنا ومذ خرجنا للسعي خارجه، لم نخرج منه لولا ضنك العيش الذي لن يوصلنا لنيل مبتغانا من تأمين سكن مريح وتعليم مدرسي وجامعي لمن تركنا خلفنا من اطفال يبكون حزناً لغياب الزوج والأب والمعيل والسند.
أقارن الآن وأنا على أبواب العودة للحضن الدافئ المثكل والمثقل بجراح سكاكين الغدر والتنصل من الإنتماء ( من بعض ) من انتسبوا اليه بِنَسَبِ الدم ولم يرعوا فيه إلاً ولا ذمةً، حقائب متنقلة بين اناس ورثوا واورثوا كل شيء الا الإنتماء والولاء والخدمة الشريفة لوطنهم ولأبناءه الشرفاء الغلابا ممن يدفعون من جيوبهم مستحقات فشل تلك الحقائب العابرة.
حقائب بالأساس كانت لتوزع لتلبي طموحات ملك شاب طموحٍ امله النهوض بأردن المستقبل، وسابقا وملهما بتفكيره لكل تلك الوزارات وطواقمها والتي لم يكن ايا منها على مستوى تلك الطموحات، أحبطته تلك الأيادي التي توكلت بالتوزيع دون ضمير ولا خبرات ولا مؤهلات، مناصب تذهب لأصحاب الواسطة وليس لأصحاب الكفاءة.
نحزم أمتعتنا المتواضعة لنعود لك يا وطن ليس كما تخيلنا حين خرجنا منك على أمل اللقاء.
نعود لك ونحن نقرأ عن تبرعات هزيلة لهِمَّة وطن تَخلّو كشوفاتها وقوائم المتبرعون لها ممن امتلأت حساباتهم داخليا وخارجيا من خيرات الوطن ودرَّسوا ابنائهم من فلوس الوطن.
نعود ونحن نقرأ اسماء وزراء عاملون لم نسمع بوجودهم ولم نرى افعالهم.
نعود لك الآن بظل جائحة كورونا التي زادت تكاليفها على جيوب البسطاء حيث رهنوا الأرض واقترضوا على الراتب الهزيل اصلاً ليعيشوا ويعتاشوا لحين ان يأتي خبر السماء قبل خبر الأرض ووكلائها القائمين عليها بغير أمانة وإخلاص.
رسالتي: احبتي ابناء الوطن، ومن شتى الاصول والمنابت بالمدن والقرى والمخيمات ممن عانيتم وتعانون يدفعنا ( الهَمْ ) الواحد والمصير ويحذونا الأمل لرفع ( الهمّة ) للعمل مع الشرفاء ممن همهم الوطن، بجد وعزم وأمانة بعيدا عن المحسوبيات وصلة الدم والقربى لاستئصال الفساد والمفسدون أيا كانوا من الأقرباء والمقربين، فالفاسد فاسد ايا كان، فهم منا وفينا ولم يأتوا من المجهول.
لنعد للعمل الجاد نفلح الأرض المشتاقة لنا التي بها معاشنا ورزقنا ونتخلى عن سلبيات اعتدنا عليها لتعود الأرض وتخضَّر بهمة شباب وعزم الكبار.