آلية دعم عمال المياومة والمتضررين في ظل هذه الظروف الطارئة
د. دانييلا القرعان
03-06-2020 08:26 PM
نعم آلية دعم عمال المياومة والمتضررين في ظل هذه الظروف الراهنة، لكن قبل الخوض في زمار هذا الموضوع الهام والذي يلامس الشريحة الضعيفة، والشريحة التي لا مصدر ولا معين لها ولا مكسب للرزق في ظل الازمة القائمة، أود أن أتطرق لموضوع وهو أن اغلب ما يتم كتابته في هذه المقالات، هي مقالات تلامس الفئة القانونية وغير القانونية، لأن هنالك فئة غير قانونية ويصعب عليها فهم بعض المصطلحات والمفاهيم التي تدخل بمنظومة إطار القانون، لذلك أحاول جاهدة أن يكون أغلب هذه المقالة بسيطة في بادئ الأمر، تسلط الضوء على أهم المستجدات في ظل هذه الظروف الراهنة، وترك أغلب الحلول من خلال الإقتراحات التي يتم طرحها من قبل إدارة الأزمات الواقعية والتي تلامس أرض الواقع فعليا، فهذه المقالات تكون أغلبها مقتصرة على طرح لأهم المشكلات الاستثنائية التي تواجه بلادنا وبلاد العالم كافة، حتى وإن كانت هذه المشاكل والتحديات موجودة قبل حدوث جائحة كورونا التي تهدد الجنس البشري، إلا إنه يقع على كاهلنا خلال ما نعيشه من أزمة حقيقية وكقانونيين تسليط الضوء على كل مستجد يحدث وسيحدث، ولنكن عونا ونصيرا للدور الحكومي القائم.
في المقالة السابقة والتي تحدثت فيها عن إنعاش عجلة الإقتصاد بالسرعة الممكنة، وطرحت ان العنوان الأساسي الذي سيكون ممهداً لمقالة جديدة حول الحلول والتداعيات المقترحة لتفعيل عجلة الإقتصاد، وكذلك تداعيات هذا الوباء وأضراره، وهل ان عناصر النجاح الحقيقية تواجدت في الدور الحكومي الراهن، وموقف البنك الدولي ودوره، والدور السلبي لهذه الجائحة على الإقتصاد الوطني، لكن وجدت أن الإجابة عن الأسئلة المطروحة تكمن في المستجدات القادمة للدور الحكومي لإدارة الازمة الحقيقية والواقعية، وما ستؤول إليه المجريات القادمة في الإدارة الفعالة، وفيما بعد سيتم طرح هذا كله في مقالة واقعية تتناول الوضع الراهن.
من هم عمال المياومة؟ وما هو المصدر الحالي لكسب عيشهم ورزقهم؟ وهل هنالك معيل لهذه الفئة المهمة والتي تعتبر جزء لا يتجزأ من الإقتصاد الوطني؟
مع قرب إعلان الحكومة عن آلية دعم عمال المياومة، تناقش الجهات الرسمية والمعنية مجموعة من الإقتراحات والسيناريوهات تتضمن تمكين عمال المياومة من الاستفادة من صندوق تأمين التعطل عن العمل التابع للضمان الاجتماعي، مقابل اشتراكهم في الضمان الإجتماعي باقتطاعات مختلفة، وكذلك سيتم استحداث صندوق حكومي خاص سيتم تمويله من التبرعات الأخيرة سيعمل على المساهمة في دفع جزء من الأجور للعاملين في منشآت القطاع الخاص،وكان أمر الدفاع رقم ستة أشار في البند السابع منه، إلى أن الحكومة تعمل وتسعى جاهدة وعلى ضوء إمكاناتها بتقديم الدعم اللازم لتأمين إحتياجات الحياة الأساسية لعمال المياومة الأردنيين من غير المشتركين في الضمان الإجتماعي، شريطة اشتراكهم في الضمان الإجتماعي وفق آليه يتم تحديدها لاحقا، وأشار أمر الدفاع رقم 6، إلى عمل الحكومة في منح حوافز تشجيعية لأصحاب العمل الملتزمين بدفع أجور العمال كاملة من بداية العمل بقانون الدفاع وحتى انتهاء العمل به، بالإضافة لأستفادتهم من برنامج الحماية القانونية والإقتصادية وفق الشروط المقررة لكل منها.
من هم عمال المياومة؟ عمال المياومة هم العمال أو الموظفون الذين يعينون في الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة بقرار من الوزير وبأجرة يومية، ليس عن طريق ديوان الخدمة المدنية، وقد تكون نسبة من هؤلاء العمال لا يحملون شهادة الثانوية العامة، لكنهم قد يقومون بأعمال لا يمكن الاستغناء عنها، ولا يمكن أن يقوم بها شباب متعلمون ويحملون مؤهلات وشهادات علمية عالية.
عمال المياومة هم من يمارسون أعمال معينة داخل الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة، ويعينون عادة برواتب شهرية أو يومية قليلة نسبيا، وللأسف الشديد ان هذه الفئة المستضعفة فيما يتعلق بأجرتها سواء يومية أو شهرية، قد لا تزيد او ترتفع إلا كل خمس سنوات مرة واحدة، وأيضا كونها فئة مستضعفة، اذا أضطر أحد عمال المياومة بعذر معين ولظرف طارئ إلى الغياب عن عمله،فإن ما يتغيبه من أيام تحسم من راتبه القليل، وهذه الفئة للأسف لولا ما تمر به البلاد من أزمات، كشفت لنا مقدار الظلم والحرمان الذي يتعرض له عمال المياومة من امتيازات واستحقاقات، كالموظف العام الرسمي، فهذه الفئة المستضعفة لا يخضعون لمظلة التأمين الصحي اللازم لأستمرارية عيشهم، ولا تخضع هذه الفئة لمظلة الضمان الإجتماعي، ويجب التنوية بأن عمال المياومة حتى وإن زاد راتبهم، ومقدار ما يأخذونه من استحقاقات مالية، قد تكون عشرة قروش في اليوم او ثلاثة دنانير في الشهر، وعمال المياومة لا يستطيعون الحصول على إجازات سنوية مقدرة لهم كتلك المقدرة للموظف العام، لذلك إذا اضطروا للتغيب تحت ظرف طارئ فإنه يتم الحسم من رواتبهم.
ما يجب التنويه له ان بعض عمال المياومة، وهذه هي المشكلة الأكبر، مضت عليهم سنوات طويلة قد تصل إلى خمسة عشر عاما وهم يمارسون نفس المهنة ونفس العمل، وما زالوا للأسف يحصلون على رواتب قليلة جدا، بحيث ان هذا الراتب لا يكاد يكفي لأحتياجاته واحتياجات عائلته، كونه هو المعيل الوحيد لعائلته، خصوصا ونحن نمر في ظروف اقتصادية صعبه، حيث توقفت عجلة الإقتصاد.
أحد عمال المياومة وقد تعرفت عليه بطريقه ما، وهو حارس آثار في منطقة معينة، لا يتجاوز راتبه 100 دينار للأسف، وقد مضى على عمله أكثر من عشر سنوات، وهو يمارس نفس العمل، وكما نعلم أن حارس الآثار ليست بالمهمة والوظيفة السهلة، وإنما تحتاج لوعي وانتباه طول فترة الحراسة، ونعلم أن هنالك الكثير من لصوص القطع الأثرية التي تباع بأسعار مرتفعة، ويتم تهريبها إلى خارج حدود الوطن، ومع هذا الخطر المحدق به إلا أنه يعمل طيلة تلك الفترة وبراتب زهيد وخالي من الامتيازات والضمانات أثناء عمله، وحتى في حال طلبه لإجازة فإنها تخصم من راتبه القليل.
والغريب في الأمر ويجب التنويه له، ان بعض بلدان العالم تمنح لعمال المياومة بعض المزايا والامتيازات مثل الإجازات والزيادات السنوية مثلهم مثل باقي موظفي الدولة، لكنها أقل من مزايا موظفي الدولة، ولعمال المياومة نظام وكادر خاص غير النظام للموظفين الرسميين، وقد يتم منح بعضهم بعض الوظائف الثابتة، وما يلفت النظر له ونقف احتراما له، هو ان هذه البلاد ما يكون فيها من وزير او أمين عام او أي مسؤول لا يستطيع فصلهم بأمر منه وبقلمه، كما يحدث للأسف في بلدنا، فهؤلاء الموظفون في تلك البلاد التي تقدرهم احسن تقدير، يشغلون أعمال مهمة لا يمكن الاستغناء عنها، وحتى أصحاب الشهادات العلمية العليا لا يستطيعون شغل ما تشغله هذه الفئة.
يقال ان لكل مقالٍ مقال،وربَّ ضارة نافعة، ولكل سلبيات تقابلها في المقابل إيجابيات، فلولا هذه الأزمة التي حلت بكل بلدان العالم لما تم الالتفات لهذه الفئة المستضعفة من الموظفين.
بدأت الحكومة الأردنية دراسة أوضاع عمال المياومة بناءا على توصيات من مليكنا المفدى، وأفرد لهم بعض البنود في قانون الدفاع، وهنالك بعض القرارات الهامة التي ستصدر قريبا، وفق خطة ممنهجة ومدروسة لأعالة هذه الفئة وإعالة أسرهم، وقد أكدت وزيرة التنمية الاجتماعية بسمه اسحاقات ان عمال المياومة مستهدفين من برنامج المساعدات النقدية، وأضافت اسحاقات ان عمال المياومة هو اي عامل يعتمد دخله على العمل اليومي وغير مشترك في الضمان الإجتماعي، وبينت ان 6،3 بالعشرة صنفت على أنها عائلات فقيرة، موضحة أنه سيتم ترتيب الأولويات لتوزيع الدعم لهم، وأشارت ان الدعم يمثل من ليس لهم ممتلكات، يقدر عددهم ب 200 ألف أسرة.
ما زالت قضية عمل المياومة تشغل الأردنيين، فهذه الفئة العزيزة من أبناء الوطن تعرضت لمتاعب كثيرة نتيجة الإغلاق الذي خاضه الأردن من أجل الحفاظ على سلامة مواطنيه، وهذه الفئة التي تشكل جزءا كبيرا من المواطنين بقيت لأسابيع ماضية تحاول أن توصّل صوتها، على الرغم ان جميع الإجراءات التي اتخذت، إلا أنها لم تقدم حلا متكاملا، ونحن في أنتظار ما سوف يتم إصداره من تعليمات بهذا الخصوص.
في خضم مشاغل جلالة الملك المعظم الكثيرة المرتبطة بالجهود الوطنية لمكافحة تفشي فيروس كورونا، والتي أدت اليوم لتحقيق نموذج مشهود على المستوى العالمي، أثنى جلالته في تغريده له على موقع تويتر على عمال المياومة، وأوضح اعترافه بدورهم المهم في بناء الوطن، فكان جلالته يركز على الفكر الإقتصادي الذي يقوده بتوفير بيئة كريمة للعمل والمواطن الأردني، وضرورة توفير الحماية القانونية والإقتصادية للعاملين في هذه القطاعات، ويجب على الحكومة ضمن استجابتها للتوجية الملكي السامي، ان تولي فئة المياومة جل اهتمامها في هذه المرحلة الحساسة، ونحن في أنتظار الأمر الحكومي فيما يتعلق بعمال المياومة.