عندما كنت اكمل تعليمي الجامعي في المملكة المتحدة , وقعت العديد من الاحداث والتي ما زالت محفورة في الذاكرة , لان الاسلوب الذي عولجت به تلك الاحداث ابهرني حتى يومنا هذا . ففي احد الايام اشتعلت احدى المدن البريطانية بالاضرابات والعنف ,وتم حرق العديد من المباني وحدث خراب في الممتلكات العامة من قبل سكان تلك المدينة التي يقطنها غالبية من ذوي الاصول الافريقية والاسيوية . وعلى اثر ذلك قام الامير تشارلز بزيارة لتلك المدينة كنوع من التعاطف مع سكانها , وشكل البرلمان البريطاني لجنة تقصي للحقائق , واصدرت تلك اللجنة توصيات وعلى رأسها ان تقوم الحكومة البريطانية بممارسة التميز الايجابي لتلك المدينة (Positive Discrimination ) , وكنت قد سمعت هذا المصطلح لاول مرة في حياتي ,ولم اسمعه منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا ليكون اساس لحل المشاكل المجتمعية ,وخصوصا لتلك الفئات المهمشة والمظطهدة بسبب اللون او العرق او الدين او غيرها . اما النتيجة فكانت انه لم اسمع حتى يومنا هذا , بان تلك المنطقة اشتعلت بالمظاهرات مرة اخرى, فالحل كان جذري وعادل .
اما في الولايات المتحدة , ما زالت وحشية البوليس في التعامل مع بعض الفئات وخصوصا الافارقة الامريكيين ,مستمرة بدون وضع الحلول المناسبة لكبح جماح بعض العنصريين من افراد الشرطة , والذين يقومون باستخدام اساليب غير قانونية في التعامل مع افراد المجتمع الامريكي المتنوع , والتي تعبر عن العنصرية والحقد لدى هؤلاء . فكما شاهدنا مؤخرا تم خنق جورج فلويد بركبة احد افراد الشرطة ,والاخرين منهم يشاهدون اختناق الرجل ,بالرغم من انه كان يطلب المساعدة ويتوسل اليهم ,ولكنهم وقفوا متفرجين حتى فقد جوروج فلويد حياته.
الرئيس الامريكي ترمب حث حكام الولايات على استخدام القوة لوقف المظاهرات المنددة بما حدث لجورج فلويد ,والتي خرجت عن السيطرة وتحولت الى اعمال عنف وتخريب ونهب للممتلكات العامة ,حتى انه وصف بعض حكام الولايات بالضعفاء والتقصير في معالجة الامور , في حين كان الشعب الامريكي منتظرا منه ان يلقي خطابا في الامة منذ بداية الاحداث يدين ما حدث لجورج فلويد , ويبدي تعاطف مع عائلته المنكوبة , ويؤكد على ان العدالة ستأخذ مجراها في حق من ارتكبوا هذه الجريمة البشعة من افراد الشرطة المحلية في ولاية مينسوتا , ولكن العكس حدث مما اجج غضب المتظاهرين.
الولايات المتحدة كقائدة للعالم الحر , والشعب الامريكي الصديق للاردن يستحقون ان يمثلهم قائد يجمع ولا يفرق ,ويعكس بتصرفاته قيم المجتمع الامريكي العظيم .فقد فشل ترمب رئيس اعظم دولة على مر التاريخ في معالجة حدثين مهمين ,وهما حماية شعبه من اجتياح جائحة فيروس كورونا للولايات المتحدة, وثانيهما كيفية التعامل في احداث جريمة قتل جورج فلويد علي ايدي متطرفين من الشرطة في ولاية مينسوتا , مما ادى الى ما نشاهده اليوم على شاشات التلفزة , حيث تحولت الولايات المتحدة الى دولة من دول العالم الثالث في قهرها لمواطنيها .
فهل سيختار الشعب الامريكي في شهر نوفمبر القادم ,ترمب مرة اخرى لقيادة اعظم دولة ديموقراطية في التاريخ البشري؟ ام ان هذا الرجل سيعود لممارسة نشاطه في مجال العقارات البعيد عن السياسة .