عندما تعاند العادات التوجيهات والإجراءات
فيصل تايه
02-06-2020 02:57 PM
القرارات الوقائية التي اتخذها الحكومة ومنذ بداية أزمة جائحة كورونا كانت مرهونة بمدى التزام المواطنين بتعليمات الحكومة وخلية الازمة ، فكان الأمر مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بمدى تعاون المواطنين بتطبيق الإجراءات ، والتي ما هي إلا اجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار فيروس كورونا ومحاولات لاحتواء الوباء ، والتي اتت اكلها ، لذلك فقد كانت الدعوات المتكررة لوزارة الصحة الداعية لضرورة ملازمة المنازل وعدم الخروج ، منعا لتفشي الفيروس قد فجرت جدلا واسعا عند المواطنين بين من كان مؤيد للمقترح وبين رافض له بذريعة الاحتياجات اليومية وتوفير مصادر للرزق .
ان القضاء على كورونا و محاصرته كما نجحت الصين في ذلك ، كان يعتمد اعتماداً كاملاً على وعي المواطن والتزام الجميع لاخذ الوقت الكافي لإحصاء كل الحالات ومحاصرتها ، والحد من انتشار المرض وهذا تطلب الانخراط والمساهمة بمسؤولية ، والتجاوب الإيجابي مع مختلف التوجيهات والإجراءات المتخذة لتدبير هذا الطارئ الاستثنائي، والعمل على تجنب ارتياد أماكن التجمعات المكثفة .
لقد كان نجاح مجموعة التدابير التي اتخذتها الحكومة، يعتمد على تطبيق القرارات الاحترازية والوقائية ، بالرغم من تطمينات المواطنين بتوفر العرض الكافي بالاسواق لتلبية جميع احتياجاتهم ، وتحذيرات الحكومة الداعية إلى عدم مغادرة المواطنين لمنازلهم الا للضرورة القصوى ، الا ان الأسواق بقيت تشهد استنفارا كبيرا ، حيث غصت المتاجر والأسواق بالمواطنين المتعطشين إلى التزود بأكبر قدر ممكن من احتياجاتهم من مختلف المنتجات الضرورية وغير الضرورية ، لتمتد بذلك هستيريا التسوق ، والتهافت على إفراغ مخزون المحلات والأسواق من البضائع والمنتجات الاستهلاكية في ظرف وجيز والعمل على تخزينها في البيوت؟ فهل تحول البشر أمام هذا الوباء الكارثي وللاسف إلى مجرد جراد لا يخلف وراءه عدا الفراغ الرهيب؟
لم نكن ضد التخوف من هذا الفيروس القاتل ، لكننا وللاسف استهجنا استقباله بسخرية ربطه بخلفيات غيبية واعتباره مجرد لعنة من الله ، وأن تستمر وللاسف عقلية القطيع تتحكم في البعض منا ، وتلعب دورا كبيرا في محاكاة بعضهم البعض والتسابق على نشر الإشاعات ، والتهافت على ضحض اجراءات الحكومة وشراهة التزود بالسلع دون الانتباه إلى ما يترتب عن مثل هذه الظاهرة المشينة من تكاثر المضاربين وارتفاع الأسعار وحرمان آخرين وهذا ما حصل بالفعل ، أما كان حريا بكل أولئك الانشغال بما هو أجدى لسلامتهم عوض التركيز على بطونهم؟ فليس هناك من وسيلة أنجع لمواجهة الوباء سوى الحرص الشديد على نظافة اليدين واحترام نصائح وزارة الصحة في الوقت الراهن، الذي يتطلب تظافر جهود جميع فعاليات المجتمع في اتجاه التوعية والتحسيس بالمخاطر المحذقة بنا…
لقد كنا وما زلنا مع كل الاجراءات المشددة في ذات السياق التي كانت تتخذها الحكومة ، والتصدي لكل الحالات الشاذة التي رفضت التقيّد بضوابط الحجر الصحّي المنزلي، لتعرّض نفسها تحت طائلة القانون، ومع تفعيل قانون الدفاع الذي جاء بالاصل لحماية المواطنين ، والتنسيق مع السلطة القضائيّة وإخطارها بالخروقات الحاصلة حتّى تتّخذ ما تراه مناسباً، في إطار مقتضيات حفظ الصحّة وتعريض حياة الغير لمخاطر حقيقيّة.
لقد كنا نامل من كافّة المُواطنين ضبط النفس وكبح جماح تعنت بعضهم والتحلّي بروح المسؤوليّة الصحيّة الملقاة على عاتقهم جميعاً دون استثناء ، سيما في تلك الظروف الدقيقة التي رزحنا جميعا تحت وطأتها ، لنضرب المَثل في الامتثال للاجراءات المتّخذة والالتزام بالحجر الصحّي، وهو أمرٌ لا مناصَ من توخّيه توقّياً من المرض سريع العدوى وشديد الخطورة ، والتقيد مع ما يتطّلبهُ الوضع الوبائي، فكان الجهد الوطني ينبغي على بتكاتف الجميع في لُحمةٍ صمّاء تفادياً لأسوأ السيناريوهات، فقد عولنا على وَعي المُواطنين حتى تمضي سفينة الاردن إلى مرسى الأمان ، وها نحن الآن نجني ثمار الخير ، ونفتح مختلف القطاعات لعودة الحياه الطبيعة ولكن يجب ان ناخذ الامور بحذر شديد فلا تريد ان نضيع تعب الدولة والوطن .
حمانا الله .. وحما الاردن .. والله ولي الصابرين