جيوب المواطنين نفط الأردن!
حسن الشوبكي
06-02-2010 05:42 AM
الكل يعلم أن الحكومة الحالية ورثت عن سابقتها عبئا ماليا ثقيلا يتمثل في تنامي عجز الموازنة الى مستويات غير مسبوقة، ويبدو الفرق في العجز في موازنة 2010 كبيرا بين ما أعلن أواخر العام الماضي وبداية الحالي فهذا الفرق يتجاوز 420 مليون دينار، إذ وصل العجز للسنة الحالية 1.1 بليون دينار.
الخيارات التي تلجأ إليها الحكومة لسداد العجز متنوعة لكن تنطوي على إضافة أعباء جديدة لجيوب المواطنين المثخنة من ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتدني مستوى الرواتب والأجور، ومخاوف الأردنيين تتعزز عبر مزيد من القناعة بأن جيوب المواطنين هي نفط الأردن لا سيما وأن خيارات سداد العجز تنال من تلك الجيوب.
بالأمس، ضاعفت الحكومة الضريبة الخاصة على فاتورة الخلوي الى 8 % كما رفعت الضرائب على السجائر والخمور، واليوم تتأهب الحكومة لإعادة فرض ضريبة المبيعات على 13 سلعة أساسية، كما تعتزم رفع الدعم عن أسطوانة الغاز لكي تباع وفقا للسعر العالمي.
وتتجه النية أيضا الى إلغاء إعفاء السيارات الهجينة من الرسوم الجمركية رغم أن استيراد تلك السيارات نما بشكل ملحوظ في السوق خلال الأشهر الستة الأخيرة، وفي الأدراج الرسمية ثمة نوايا لزيادة الضريبة على البنزين وزيادة العائد من ربط الاتصالات الدولية وفرض بدل خدمة على الشاحنات مقابل التتبع الإلكتروني.
الإشكالية لا تكمن في زيادة الضرائب فحسب، فالمقلق يتصاعد عندما تقود الحكومة حملات الرفع تلك وينعكس سلوكا سلبيا لدى التجار والصناعيين ومقدمي الخدمات المختلفة، إذ يبرر هؤلاء رفع أسعار سلعهم وخدماتهم بان الضرائب زادت وهو ما يتحمله في آخر حلقات الدورة الاقتصادية المستهلك.
لقد رأينا في السنوات الخمس الاخيرة ماهية السلوك لدى القطاع الخاص بمجرد رفع أسعار المحروقات ولو بنسبة ضئيلة، حيث كان المواطن منفردا يحصد نتيجة تلك القرارات.
ربما يقول قائل، ومن أين ستأتي الحكومة بأموال لسداد العجز؟ وأعتقد ان الرد المنطقي والعملي يجب ان يتجه إلى إجراء جراحة حقيقية لتشوه الإنفاق العام في البلاد وتكريس خفض واضح في النفقات الحكومية وهو ما لم يتحقق بعد بالاستناد الى هيكيلة الموازنة التي تضم بين جوانبها ما نسبتها %70 للرواتبـ، بينما تبلغ نسبة أجور المباني بحدود %10، ويبقى هامش ضعيف لإجراء عمليات التخفيض في نفقات الحكومة ومؤسساتها وهيئاتها.
ومن الحلول العملية ان تتجه التحصيلات الضريبية الى منافذ اخرى، فليس معقولا ان تبقى الضريبة على بعض مواد التجميل اقل من تلك التي تفرض على بعض المواد الغذائية بما فيها السلع الاساسية، وإذا كنا نتحدث دوما عن تهرب ضريبي بمئات الملايين، فالأجدى أن تتجه كوادر الحكومة الى مزيد من التتبع لهؤلاء المتهربين وأن تفرض عليهم الضرائب المستحقة نظرا للإيرادات والأرباح التي يحققونها من نشاطهم في المملكة.
حدثني طبيب ملتزم بدفع ضريبته ولديه بيانات واضحة عن أن عددا ليس قليلا ممن يمارسون مهنة الطب يتهربون فعليا من الضريبة، لا سيما أولئك الذين يقومون بإجراء عمليات تجميل ولا يتم الكشف عنها، بخاصة أن ارباح تلك العمليات تكون بالآلاف يوميا ولا يصل خزينة الدولة أي فلس منها.
الأولى بالحكومة أن تتجه الى الجهات التي تحقق نموا وأرباحا خيالية لا ان تواصل تمزيق جيوب المواطنين، وإذا توافرت الإرادة الرسمية لرفد الخزينة بأموال تسد العجز، فإن الامر ليس صعبا كما يظن كثيرون، وعليه فإن الحكومة يجب ان تنظر بعينين مفتوحتين، واحدة تحنو على الفقراء والبسطاء وأخرى صارمة وقانونية وجريئة تجاه من أثرى من دون حسيب أو رقيب ولا يجد من يقتطع حق الدولة منه.
hassan.shobaki@alghad.jo
الغد