فقراء الماء .. اغنياء الغرق !!
ايمن خطاب
03-06-2007 03:00 AM
لا يكاد اسبوع يمضي دون ان نسمع عن حالة غرق لطفل في الاغوار ، ونتساءل " بخبث " ، بلد يعد من الافقر مائيا على الصعيد العالمي ، لكنه من اكثر حالات الغرق عالميا ، لدرجة يمكن ان نوسم من خلالها " بالاغنى غرقا " !! كيف ذلك ؟؟ مفارقة غريبة ، وعجيبة تستدعي بحثا ودراسة .النمطية الاعلامية لدى كل حالة غرق يتعامل معها ، وان رصدت الحدث ، الا ان ملامستها له سطحية " توفي طفل غرقا ( ... ) وبذلك يصل عدد الغرقى منذ بداية العام الى ( ... ) ، يشار ان العام الماضي شهد ( .... ) حالة غرق !!
الاخبار عموما في هذا الجانب ، تعرض لحوادث ، لكنها تختتم على الدوام بجملة ، والجملة بالمناسبة باتت ذات رابط بذهني ، لصحفي اسمه " اشرف الغزاوي " اجزم انه مل صياغتها ، وباتت مؤرشفة في حاسوبه ، مفرداتها تقول " ويطالب مهتمون – قد اكون انا منهم بحكم مقالي الذي يرتكز على هذه القضية – يطالبون بتوفير اجواء للسباحة الامنة في المنطقة " .
اتساءل حول مفردات " اجواء السباحة الامنة " وما هي ، ومكان وجودها في القاموس الجغرافي الاردني ؟ وماذا تعني ؟ يجيبني خبير في شؤون الانقاذ ، انها توفير متخصصين في شؤون الغطس ، والعوم والسباحة ، في اماكن عامة ، والاماكن العامة تعريفها ، التي تشيدها حكومات الدول ضمن منظومات مشاريع ترفيهية ورياضية واجتماعية وووو .. الخ ، ولدى سؤالي له " سؤال العارف طبعا " اين توجد هذه الاماكن على الصعيد المحلي جغرافيا ؟؟ يجيبك انها موجودة في الفنادق ذات الخمس نجوم ومدينتين رياضيتين شيدت احداهما في العاصمة قبل عقود ، والثانية بعدها بعدة عقود ، بتبرع سخي من لدن ربما " تشو شا شي غاد " الصيني !! أي بتبرع صيني في مدينة اربد ، وان في هذه المواقع تتوافر السباحة الامنة .
في الرياضيات ، اذا كان لدينا 50 فندقا من فئة الخمسة نجوم ، تتواجد فيها ما ئة بركة سباحة ، ومدينتين رياضيتين فيهما ست برك على الاكثر ، اذا ما احتسبت سعة البركة وفق المتر المربع ، فربما تكون سعتها 50 شخصا للبركة الواحدة ، ونضرب الرقم بستة وخمسين فيكون الجواب 2800 سباحا يعيشون ظروف السباحة الامنة ، فيما طفل الغور شبح الموت بانتظاره ، في قناة الغور الشرقية ، وغيره على مشارف السدود ذات نزهة عائلية بعد طول انتظار في توفير تجهيزاتها !!
ويستمر المرء مع ذاته بممارسة الخبث ليتساءل ، ما دام دين الدولة الاسلام ، ورسول الامة عليه الصلاة والسلام حض في احاديثه على تعليم اولادنا " الرماية والسباحة وركوب الخيل " فلم الكثرة في حوادث الغرق التي نشهدها بين الفينة والاخرى ، وبصورة بتنا فيها مهيئين لدخول " غينيس " في هذا المجال ، طبعا بالغرق الطبيعي لا الطاريء بعبارة او ما شابه !! .
اخر الضحايا كان " احمد الحمدوني " طفل في الثامنة من عمره ، قدر مسقط الراس لديه فرض ان يعيش في الاغوار ، وذات حرارة لاهبة ، وربما لظروف فقر حالت بينه وبين مكيف قدرته طنان اثنان او بعضا من الطن ، وجد في الماء سبيلا لاطفاء اللهيب ، وفي الماء كانت المنية !! شانه شان اقران له " منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر " .
والحمدوني الذي قضى في الاغوار نضرائه قضوا بعضهم قضى في ذات المكان واخرين على شط الفقراء ، في البحر الميت والعقبة " وشطوط الفقراء ان جازت المفردة " هي التي للعوام ، ما دامت التوليفة الاجتماعية فيها الخاصة والعامة ، لكن الفارق بين " الشطين " تدني درجات الخطر الى ما دون الصفر للخاصة !!
وعطفا على مفارقة الفقر المائي ، وجدلية الفرض ، ان الغور مليء مائيا بالسدود والقنوات وما شابه ، من المفارقة ذاتها نتساءل ؟ الم تحرك جثث الضحايا الغرقى جهات رسمية لوضع حد للماسي ، وان حركت الدم في العروق ، فما هي الاليات التي اتخذت لهذا الجانب ؟؟ .
توفير اجواء السباحة الامنة ، وان فصل معناها بمفردات عديدة ، ذات قصص صحفية نشرت عن الموت في مياه الغور ، ومطالبات فيها ببرك عامة خاضعة لرقابة ، تمخضت عن ذهنية رقابية لا اعلم من المسؤول عنها ، اسفرت عن تسيير دورية لمتابعة قناة طولها يمتد لمئات الكيلو مترات ، وباتت الدوريات مرصودة من اطفال الغور ، بحيث ان الفارق الزمني بين لحظة مرورها بنقطة ، وحتى اخر نقطة يتوقعون وصول الدورية اليها ، بضعة ساعات ، تكفي لتهيئة الجو ، لاجتثاث الروح من الجسد !! والتفكير الرقابي لم يات كبديل عن توفير " البديل " المتمثل ببرك امنة لفقراء في مناطق فقر ، بقدر ما هي ذهنية الرقابة وهذا ما اعطاها الله اياه !!
من هو " اخبث مني " وان كانت استفساراته تنم عن سذاجة ؟ ، تساءل لماذا موتى الحوادث دوما في الاغوار او البربيطة بمحافظة الطفيلة ، او على شواطيء الفقراء في البحر الميت والعقبة ؟ ويمعن بصراحته اكثر ولكن بسذاجة ايضا ! ، لماذا هم دائما خارج عمان ؟ وهل للجوانب التنموية والمشاريع التي تنفذ والاهتمام الحكومي بالاطراف المحيطة بالمركز والمحافظات دور في هذه القضية ؟؟ لكن على الرغم من سذاجته وفي ظل معطيات تدلل ان الاردن " عمان وعمان هي الاردن " خجلت من اجابته !!
Ayman65jor@yahoo.com