جامعاتنا الوطنية: مقاربات وتجاذبات
د. محمد القضاة
01-06-2020 11:25 AM
منذ زمن لم اكتب عن جامعاتنا الوطنية، ولكن ما نلمحه بين حين وأخر من اساءات لصروحنا الاكاديمية واساتذتها من متطفلين وغاضبين يدعنا نقول: إن نجاح اي جامعة وطنية في برامجها وجودتها وحضورها في المشهد العالمي أو الوطني هو نجاح لمنظومة التعليم العالي في بلدنا، والذين يسجلون اهدافا هنا وأخرى هناك ويحاولون الاساءة لهذه على حساب تلك اقول لهم انا ابن الجامعة الاردنية ومتحيز لها بالفطرة والعشرة والعمل، وهي بيتي الذي علمني معنى الحرف والحياة واحب لها ان تبقى سامقة في الاعالي وفِي طليعة جامعات العالم؛ غير انه لا يضيرني ان تتقدم عليها اي جامعة في الوطن اذا احسنت وابدعت؛ لان مخرجات اي جامعة وطنية هم ابناؤنا واولادنا وبناتنا ولا بد ان يعملوا في مؤسسات الوطن كلها ومردودهم علينا أكان تعليمهم متميزا أم فاشلا، وهي رسالة لابناء كل جامعة ان يعملوا بجد واخلاص ونية طيبة لبناء صروحنا الاكاديمية على احسن وجه، والجامعة الاردنية الجامعة الأم التي اسهمت وبجدارة ببناء كل جامعاتنا دون استثناء بخبراتها واساتذتها ورجالها لها حق علينا ان نبقى الابناء البررة لها نحملها في قلوبنا وعقولنا ودروسنا من جيل الى جيل لكي تبقى في اعلى درجات التميز والابداع، ولذلك اقول لمن يسجلون الاهداف العكسية في هذا ذاك المرمى او غيره دعوها تمضي الى مكانها بهدوء ورزانة واحتراف ومسؤولية؛ لأن الحقيقة لا يمحوها نعيب الغربان ولا تعدد الألوان.
واليوم ونحن نودع فصلا دراسيًا حافلاً بالتحديات والمقاربات والتجاذبات كان لا بد من تسجيل شهادة حق بحق الجامعات التي تجاوزت تحديات التعليم عن بعد بامكاناتها وظروفها المختلفة وانتهى الفصل بكل اسئلته ونتائجه وحيثياته الايجابية والسلبية، وهي دعوة لكل الجامعات ان تعد العدة لتأسيس منظومة تعليمية تأخذ في الحسبان كل التحديات المستقبلية وتضع في مخططاتها وميزانياتها الانتقال بالتعليم اولا باول الى التعليم عن بعد، وهذا يقتضي انجاز بنية تحتية في كل كلية وفِي كل قسم اكاديمي لكي تصل الجامعات الى اهدافها باسلوب ومنهج علمي رصين، ونقول ان الجامعات تسير في خططها لا تأبه لاي فكر مريض؛ لأنها العقل العلمي الذي يقودالمجتمع الى المستقبل بوعي وفهم عميق، لإحداث التغيير المنشود في حياة الأفراد والمجتمعات، وهذا لا يتم دون متابعات أكاديمية واعية تعرف ما لها وما عليها، وتنشد التغيير لصالح البناء، وما احوج الجامعات لثورة تعليمية جديدة تقلب السكون وتُغيِر الروتين، وتكسر حواجز الصمت، وتُعيدُ الروح والهدوء للعمل الأكاديمي، وما احوج الجميع للصراحة والحوار الحر المفتوح بين اطراف الجسد الاكاديمي، وإلى تجديد عناصر الثقة وتعزيزها، وزرع ثقافة الأمل والاحترام، ونبذ ثقافة التهميش والمماطلة، وبناء جسور العلم والجد والاجتهاد على قاعدة أنّ الجميع عليهم مسؤولية المشاركة في صنع قرار تشاركي ينعكس في العملية الأكاديمية والبحثية والتدريسية، وما يترتب عليه من مخرجات تؤسس لإعادة الاعتبار للشخصية الاعتبارية للجامعات التي فقدت بريقها، بسبب ممارسات سلبية قام بها نفر آثروا أنفسهم واجندتهم ومصالحهم على حساب المصلحة العليا للجامعات.
وبعد مطلوب من الجامعات ان تقيم اداءها تقيّما علميًّا صحيحا، ومن يترك أثره الطيب لا احد ينساه، ومن يترك آثره السلبي لن يذكره أحد، والمشاهٓد معروفة ومحفوظة، ولذلك لا بُدّ للجامعات وهي تطوي عامها الجامعي ان تبادر الى تقييم تجاربها بهدوء وروية للتخلص من الصور النمطية التي طبعتها آلة الاعلام وادوات التواصل الاعلامي المتعددة، ومطلوب من الجامعات ان تقرأ بعناية ودقة تحدياتها وانجازاتها، وأن تستطلع آراء أساتذتها الذين يحدثون الفرق والتغيير في جامعاتهم، والإدارة الناجحة لا تلتفت خلفها وانما تمضي في خططها وبرامجها و تستمر في ترطيب العلاقة مع الجسد الاكاديمي وتوطيدها على اساس من الاحترام والثقة المتبادلة.
mohamadq2002@yahoo.com