تفاءلوا فالقادم يحتاج لهمة
د. عدنان سعد الزعبي
31-05-2020 08:59 PM
التخوف الكبير الذي تشهده تصريحات وكتابات وتحليلات السياسيين والصحفيين والمواطنيين ، و يجب ان لا تخرج عن الحقيقة المتوقعة للواقع الاقتصادي الاردني ويجب ان لا يتم المبالغ بها , لزرع القلق الكبير والتراجع عند الاردنيين , فالتحليلات والتوقعات هي اراء نتجت عن المشاهدات الحالية للازمة التي عيشتنا بها ازمة كورونا ونقلتنا الى هواجس بداتها بالحرص على الحياة ، الى نظرة المستقبل الاقتصادي وحال المجتمع الاردني الي يعاني اصلا من ضعف ادائه الاقتصادي وغياب استراتيجية واضحة المعالم قادرة على مواجهة الازمات قدر الامكان بعيدا عن التخيلات والضرب في المنديل حيث الحلول السحرية والطمأنة الزائفة للناس.
والحقيقة التي يجب ان ندركها جميعا ان القضية غير معنية بحكومة او فريق اقتصادي، اورئيس حكومة معين بل على وطن ومستقبله بكل قطاعاته وقواه ومكوناته. , فالجائحة جاءت على العالم باسره من اقواها لاعتاها , ومن اوهنها الى فقيرها ، فكلنا في الانسانية جمعاء مهددون بآثار صعبة تحتاج الى صحوة عالمية وتفاعل ونشاط اقتصادي وتنازلات دولية لتنشيط الاقتصاد العالمي واعادة الحياه اليه ‘مع تغيير فلسفة النظر للعلاقات الدولية وبنائها وفقا للمصالح والمنافع المشتركة بعيدا عن الصراعات والاحتدامات التي ما زالت تعشعش في اذهان العديد من زعماء المنطقة والعالم . فانسان الكرة الارضية تعرض للعديد من الكوارث والهزات التاريخية , وقد خرج منها اقوى وامتن ولكن بفلسفات فكرية جديده , وما احوجنا في المرحلة القادمة ان تجند البشرية نفسها لحماية نفسها وكيانها بالتشاركية والتعاون واستثمار الموارد بشكل يحقق النماء والتطور للجميع ،خاصة وان مثل هذه الجائحة اثبتت انه لا قوة منفردة يمكن ان تحمي
نفسها على انفراد ، ولا عظمة منعزلة يمكن ان تبقى بعيدا عن اقل دولة واضعف كيان على هذه الكرة الارضية.
والاردن وعالمه العربي جزء من هذا العالم , لا يساوي اكثر من 6% من العالم , وقد اصابه ما اصاب الاخرين من الم ووجع غير في الكثير من القناعات والتدابير التي تعودت عليها الدول , حيث اصبحت مسالة التعاون والتفاعل والمشاركة الاقليمية من جهة والدولية من جهة اخرى مسألة حتمية , واصبحت حماية الدول والانظمة في اي دولة هو جزء من حماية الدول المحيطة والقريبة واستقرارها ، وتبين ان العمل الجماعي هو المنحى الاسلم لبناء منظومات اكثر امانا واستقرارا على الصعد كافة للدول وشعوبها.
ما يجري بالاردن ليس باكثر واصعب مما يجري في اي دولة في العالم , فالاساس حماية النفس البشرية , والحمد لله كان لنا ما يكون وتحقق التطلع بالتعامل الامثل مع الجائحة , ووصلنا الى الوعي الكامل بادق التفاصيل وطرق التفاعل والتعامل وادركنا ماهية السلوكيات الامثل في مواجهة كورونا , وهي الاساس في المواجهة , فالحكومة الان معنية بالتوجه نحو التعامل مع الاثار السلبية التي ظهرت كأستحقاقات لهذه الجائحة , وخاصة الوضع الاقتصادي , الذي يتطلب بالدرجة الاولى المكاشفة مع الناس وبيان ما هي الخطوة القادمة وما هو دور المواطن بعد ان يتم وضع استراتيجية واقعية وقابلة للتطبيق لمواجهة تبعات ازمة كورونا , بعيدا عن تجاذبات السياسة وماذا سيحل بالحكومة او بالبرلمان , فنحن امام ضائقة اكبر واهم من بقاء او رحيل حكومة او بقاء اورحيل مجلس نواب لا حول له ولا قوة. لان الاساس هو وقفة وطنية شاملة وبارادة وطنية كالتي نعايشها بالتعامل مع كورونا ومع اي تحدي يواجه الوطن . وما بعد ذلك فكله ثانوي.
فاقتصادنا لا يمكن مقارنته كما هو بالصين وامريكيا او اليبان او بريطانيا او المانيا التي بدأت تصرخ من هول ما حصل لها وتهدد بتغير الانظمة وتشكل التكتلات العالمية الجديدة . اقتصادنا على قدرنا ويمكن معالجته والانطلاق به نحو الافضل بعد ان ادرك الجميع انه على ابواب التغير ولا بد من ذلك . ما يجري بالاردن ليس بالنهاية , وان الفاس دائما يرفع عن الراس عندما تكون هناك صحوة عامة وتكاتف عام ونظرة موحدة ، ننفتح بها على الاخرين بحذر وعلمية ونستمر في بناء الدولة بسواعدنا وفكرنا وتعاون الاشقاء والاصدقاء. فلا تهولوا لان الناس محبطة ولا تستكينوا لان الامر يحتاجة لهمة , وانشاء الله سوف نتجاوز هذه المحنة.