د. علي عتيقة و"إشكالية الهوية العربية"
يوسف عبدالله محمود
31-05-2020 07:38 PM
شدّني مقال لصاحب العلم الغزير الدكتور علي عتيقة – رحمه الله - الذي شغل مواقع دولية وعربية كان آخرها أميناً عاماً لمنتدى الفكر العربي بعمّان.
في مقال له بعنوان "إشكالية الهوية العربية الجغرافية منشور في مجلة "المنتدى" العدد 247 سنة 2010 يضع هذا الخبير الاقتصادي البارز اصبعه على جرح عربي لم يندمل بعد.
هذا الجرح يمسّ "الهوية العربية" يتعلق بإهمالها حين يتطلب الأمر الحفـاظ عليهـا. انتقـد د. علي عتيقة التوجه العربي المستمر "في طلب الاحتياجات العربية من المنظمات الدولية بشكل مباشر مما سبّب المزيد من الإهمال للمنظمات العربية". المرجع السابق ص83.
انتقاد كشف هشاشة التضامن العربي بل وخضوع العرب للإملاءات الاستعمارية.
اعتقد العرب – وهو اعتقاد في غير محلّه – "أن إنشاء إدارات عربية في جميع المنظمات الدولية المتخصصة مثل الفاو ثم اليونسكو ومنظمة العمل الدولية وغيرها سيمكنهم من تقوية نفوذهم في المحافل الدولية".
وهذا بالطبع لم يحصل، بل انه هَمّش المنظمات العربية "وحولّها إلى هياكل إدارية ضعيفة غير قادرة على تلبية ما يُطلب منها من مساعدات".
لم تحسن البلاد العربية خدمة منظماتها العربية المشتركة، بل رسّخت بهذا التوجّه غير الموفّق "المفهوم الاستعماري لما يُسمى منطقة الشرق الأوسط ومشروع البحر الأبيض المتوسط".
أما النتيجة فكانت – وكما يرى هذا الخبير الاقتصادي الكبير – "ازدياد عزلة البلاد العربية وتفرّقها عن بعضها بعضاً وعن القارتين الكبيرتين اللتين تقع فيها البلاد العربية".
إن هذا التفرّق وتهميش الأقطار العربية لعضويتها في الإدارتين الافريقية والآسيوية، أفقدها "ميزة استراتيجية" وجعلها تابعة للإملاءات الاستعمارية.
إن هذا النقد الذي يجيء من خبير مطلع على خفايا السياسات الدولية المتعلقة بالوطن العربي ينبغي أن يحظى باهتمام المسؤولين العرب وبخاصة في هذه المرحلة التي تشهد أسوأ أزمة اقتصادية عالمية.
على هؤلاء المسؤولين أن يدركوا أهمية تفعيل دور المنظمات العربية "قبل الذهاب إلى المنظمات الدولية".
تُرى متى يتم هذا التفعيل!
متى ندرك كعرب أن العمل الجماعي العربي في جميع الميادين هو "طوق النجاة"؟
ما حَكَّ جلدك مثل ظفرك!