طريق العدالة يجب ان يكون قصيرا وسريعا لا متسرعا
أ. د. كامل السعيد
31-05-2020 12:35 PM
عالجت المادة (11) من قانون المحكمة الدستورية حالة ما اذا قام احد اطراف الدعوى المنظورة امام احدى المحاكم بالدفع بعدم دستورية القانون الواجب التطبيق على موضوع الدعوى وذلك بأحالة الدفع الى المحكمة الدستورية عبر محكمة التمييز وفقا للأصول المنصوص عليها في الدستور والقانون ، ولكنها لم تعالج حالة عالجتها الأغلبية الساحقة من التشريعات الأخرى ، وهي حالة ما اذا لم يقم احد اطراف الدعوى بالدفع بعدم دستورية هذا القانون ، وارتأى قضاة المحكمة الناظرة للدعوى بعد الفحص والتمحيص عدم دستورية هذا القانون ، حيث تستطيع المحاكم في التشريعات الأخرى ، احالة الأمر الى المحكمة الدستورية مباشرة لتبت في هذا الأمر على الرغم من أن احدا من أطراف الدعوى لم يقم بالدفع بعدم الدستورية . في ضوء القصور التشريعي لدينا المتمثل في تطلب شرط الدفع بعدم الدستورية من قبل احد اطراف الدعوى نتساءل ما الذي يتعين على قضاة المحاكم لدينا عمله .
لست أرى في ضوء ما تقدم من ينازع في وجوب تصدي قضاة المحاكم لدينا لهذا الأمر وان يقرروا عدم دستورية هذا القانون الواجب التطبيق على موضوع الدعوى لان عدم تطبيق القانون غير الدستوري هو من الاختصاصات والواجبات التي تقع على عاتق القضاة أثناء نظرهم للدعوى ، غاية ما في الأمر أن الاحكام الصادرة عنهم في هذه الحالة لا تتمتع الا بالحجية النسبية التي تقتصر على أطراف الدعوى المنظورة وأسبابها وموضوعها خلافا لما هو عليه الحال بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية حيث تتمتع أحكامها بالحجية المطلقة فتكون ملزمة بجميع السلطات والكافة.
في ضوء ما تقدم اخلص لما يلي :
- أولا : ضرورة مواجهة هذا القصور التشريعي بنصوص دستورية وقانونية تخول المحاكم لدينا في هذه الحالة الحق باحالة الأمر الى المحكمة الدستورية بغض النظر عن شرط الدفع بعدم الدستورية من قبل احد اطراف الدعوى تمشيا مع العديد من التشريعات الأخرى.
(انظر على سبيل المثال قانون المحكمة الدستورية المصرية العليا وقانون المحكمة الدستورية الفلسطينية وغيرهما) .
- ثانيا : لغايات تمكين المحكمة الدستورية لدينا من بسط سلطانها على رقابة دستورية القوانين والأنظمة النافذة عملا بالدستور والقانون ، ولعدم اطالة أمد التقاضي تحقيقا لعدالة أسرع وأرحب، أرى اعادة النظر في جعل أي محكمة مهما علا شأنها أن تتوسط المسافة بين المحكمة الناظرة للدعوى وبين المحكمة الدستورية وهو ما عليه الحال في العديد من الأنظمة القانونية الأخرى.