آن الأوان للتركيز على السياحة الداخلية، أكثر من أي وقت مضى.
في الظروف الحالية، وإلى أن تنتهي جائحة كورونا، هنالك العديد من العوامل التي تحول بيننا وبين عودة السياحة الخارجية إلى سابق عهدها، أو إلى مزيد من تناميها وازدهارها.
منها صعوبة السفر بين الدول بسبب الظروف الحالية، وتخوف الناس، وتعطل حركة الطيران، وغيرها.
ولا ندري إلى متى سيستمر الوضع على ما هو عليه.
من هنا لا بد من إعطاء السياحة الداخلية الأولية الأولى، إذ أنها تشكل حلاً "ذكياً" لكل من يعتمد على السياحة اقتصادياً من مؤسسات وأفراد، ومن دولة تشكل السياحة رافداً أساسياً لمدخولها، ومن مواطن يبحث عن مكان للراحة أو الاستجمام أو المغامرة أو الثقافة.
بلدنا والحمد لله، على صغر مساحته، من أغنى الدول تاريخاً وجغرافيا وبيئةً ومناخاً. لا بل إنّ فيه من إبداعات الطبيعة وعجائبها، وإبداعات البشر وغرائبهم، ما لا يتوافر سوى في دول قليلة.
فهنالك البحر والنهر والوادي والجبل والسهل والبادية، وليس أي بحر أو نهر أو جبلٍ أو وادٍ أو سهل، أو أية بادية!
في كم دولة توجد البترا البهية؟ ووادي رم العظيم؟ والبحر الميت الفريد وغوره المميز؟
في كم دولة مشى أو أقام أنبياء وصحابة وقادة عظام؟ في كم دولة توجد مدن ومدرجات يونانية ورومانية في أبهى حللها؟ في كم دولة توجد محميات غنية بالحيوان والطير والنبات؟
كم حضارة يمكن الوقوف على أطلالها؟ وكم معلم تاريخي أو جغرافي أو ديني أو أثري يمكن مشاهدته؟ كم حدث وكم واقعة وكم نقش وكم نص؟
المكوّنات والمقوّمات لا كلام فيها ولا غبار عليها. ما نريد فقط هو إعطاء هذا الأمر الأهمية القصوى، والبدء بالتخطيط لإطلاق العنان لسياحة داخلية نشطة، تحترم السائح الداخلي وتهتم به تماماً كغيره وربما أكثر وتوفر له المرافق والبرامج والحزم والخدمات على أرفع المستويات وأرقاها، بأكثر الأسعار تشجيعاً وتنافسية.
وهنالك عدة أسباب، إضافة إلى ما ذكر أعلاه، تدعو لأخذ السياحة الداخلية على محمل الجد.
منها أن الناس على وشك الخروج من حَجْرٍ طويل نسبياً، وأنهم بحاجة لانطلاقة رحبة إلى فضاءات أوسع من شققهم وبيوتهم التي مكثوا فيها طويلاً، ومن الفضاءات الإلكترونية التي لم تُشفِ غليلهم.
ومنها أن كلّ حالات الإصابة بكورونا مصدرها خارجي وليس داخلياً، وهذا عامل مهم جداً في الظرف الحالي والمستقبل القريب.
ومنها أن سوق السياحة الداخلية كمّاً وكيفاً لا يجب الاستهانة به، في ظل التغيّرات التي طرأت على المجتمع في العقدين الأخيرين بالذات، والتي جعلت من السياحة والترفيه والثقافة مطلباً أساسياً للعديد من العائلات، وفي ظل عدم وجود سياحة خارجية للمواطن الأردني نفسه والذي كان يتوجه بأعداد كبيرة للعديد من دول الجوار وما بعدها.
السياحة الداخلية فرصة ذهبية وكنز ثمين، لا بد من استثمارها على أوسع نطاق وبأمهر طريقة، مع الإعلاء من شأن متطلبات الصحة والسلامة.
وعلينا البدء فوراً.
(الرأي)