هيكلة القطاع العام .. هدف ريادي ام فرصة للتمرير
د.عودة الحمايدة
30-05-2020 04:45 PM
توجه الحكومة الحالية الى هيكلة القطاع العام في الاردن -والذي بدا فعليا منذ بداية هذا العام- يهدف الى تخفيض فاتورة رواتب العاملين في مؤسسات الدولة من الموازنة العامة من خلال تخفيض اعدادهم في محاولة لخفض عجز الموازنة وتماشيا مع شروط صندوق النقد الدولي لاستمرار ضمن برنامج القروض والمساعدات التي يقدمها للاردن.
بعيدا عن هذا الهدف او غيره فإن هيكلة القطاع العام بحد ذاتها اصبحت في عالم اليوم استراتيجية تطمح وتعمل الدول الناجحة الى تطبيقها لما لها من نتائج ايجابية على هيكل الدولة الاداري واقتصادها الكلي من ترشيق للقطاع العام ليصبح اكثر فاعلية واقل انفاقا وغيرها، ولكن لانجاح هذه الإستراتيجية يجب ان تكون ضمن خطة مركزية شاملة ومستمرة وبعيدة المدى وعملية حيوية تخضع للمتابعة والتقييم وتتضمن قوانين عمل ناظمة لها موحدة بين القطاعين العام والخاص بما يضمن ان لا يؤدي تطبيق هذه الاستراتيجية الى تضرر المواطنين العاملين وغيرهم من حيث انخفاض مستوى دخلهم بعد خروجهم من القطاع العام او عدم توفير فرص عمل للعاطلين عنه وزيادة عددهم، اذن هذه الاستراتيجية ليست عملية انية متقطعة يتم استخدامها حسب الظروف وسياسات الادارات المتعاقبة.
من جانب اخر يجب ان تتوفر لهذه الاستراتيجية ارضية قوية من الاقتصاد المتعدد الواسع يتسطيع استيعاب الطامحين للعمل او العاطلين عنه ممن لم يستطيع القطاع العام استيعابهم وليست اقتصاد يعاني من مشاكل وعوائق ومتخم بالعاملين لا بل ويعمل على تخفيضهم.
في الحالة الاردنية فإن ما رشح من اخبار يشير الى ان 12000 موظف او ممن بلغت خدمتهم 28 عاما سيتم احالتهم الى التقاعد وهولاء ستنخفض رواتبهم بنسبة (1/4) على الاقل مما سيدفعهم للبحث عن عمل بعد تقاعدهم والعمل غير متوفر في وضع القطاع الخاص الحالي في الاردن وبالتالي سينضموا الى شريحتي الاقل دخلا والعاطلين عن العمل.
هذا من جانب وفي جانب اخر بما ان الهدف تخفيض فاتورة العاملين من الموازنة من خلال تخفيض اعدادهم اذا لا مجال لتوظيف جدد في المدى القريب على الاقل لان هؤلاء بحاجة الى رواتب مما يعني زيادة حجم العاطلين عن العمل ايضا.
ضمن هذه المعطيات هل ترى الحكومة أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والادارية مناسبة حاليا لتفيذ توجهها ام ان الامر لا يتجاوز استثمار فرصة ظرفية قد لا تتكرر.