اليقظة ما بعد كورونا .. تحديات الزمان والسياسة
أحمد عبد الباسط الرجوب
28-05-2020 03:32 PM
يَحملُ الأردن تطلعات للخروج من ازماتة العابرة للأعوام، لكن اشدها ضروة وشراسة ما اتت عله جائحة كورونا - 19 المستجد ، والتي عطلت مفاصل الاقتصاد وخيم الركود على كافة نواحي الحياة وقد بات هذا هو التحدي الاكثر على البلاد والعباد والذي يعتبر من السنين العجاف ولا حول ولا قوة الا بالله ... لقد اثرت جائحة «كورونا» بشكل كبير على الاقتصاد الأردني، الذي لا يزال يمر في مرحلة التعافي. فمن البرامج التحفيزية للحكومة الأردنية إلى وصفات صندوق النقد الدولي التي لا تزال حيز التنفيذ، فالجائحة أدخلت الاقتصاد الأردني في تبعات وتداعيات وبالذات مع توقف العديد من القطاعات عن العمل.
تشكل المرحلة القادمة " ما بعد كورونا " حالة يقظة يجب ان تستعد له البلاد بوصفها محطة جديدة من عمر الوطن للتحول في مرحلته القادمة، وطريقا لقياس درجة جدوى العمل على بلوغ الاعوام 2025، 2030 على أساس رؤية تستطلع الامل في تجاوز البلاد الظروف القاهرة والاستثنائية التي عاشتها خلال الاشهر الماضية في التصدي لهذا الوباء الفتاك ، كما انه في رأيي سيكون الوصول إلى تلك الأعوام 2025، 2030 فرصة لتعميق مراجعة الجهد والأداء وتخطي الأردن الكثير من العقبات والتي للأسف ستدلف في غثها وسمينها علينا والتي نوجز لها شرحا في القضايا التالية:
(1) داخليا
أ. الانتخابات النيابية:
حيث يفصلنا اليوم 28/5/2020 اربعة اشهر عن الموعد الدستوري لاجراء الانتخابات النيابية ، والسؤال هنا هل ستتم في موعدها الدستوري؟... اليكم رؤيتنا في الخيارات التالية:
1. حسب ما يرتأيه صاحب القرار (جلالة الملك) ربما يكون صعبا إجراء الانتخابات في موعدها بسبب تداعيات ازمة جائحة كورونا، الأمر الذي قد يرجح خيار التمديد للمجلس الثامن عشر الحالي ، وعندها ان حصل التمديد فإنه ” يتوجب أن يحصل قبل انتهاء عمر المجلس بأربعة أشهر على الأقل وفق أحكام الدستور ، وللتوضيح فإن التمديد لأي مدة حددها الدستور (عاما أو عامين) والتي لا تعني تحصين المجلس الممدد من الحل خلال أي فترة زمنية، منوهين إلى أنه يمكن لجلالة الملك حل المجلس خلال فترة التمديد ان حصلت، استنادا لنص المادة 34/ 3 من الدستور، التي تقول (للملك أن يحل مجلس النواب)...
2. في المقابل، نرى بأن التمديد للمجلس الحالي ” لا يدخل في اعتبارات صاحب القرار “، وأن الأردن الذي بدأ يسير على طريق الإصلاح وفتح خطوات بهذا الاتجاه، كما يرون أن الأردن ملتزم دوليا بالحفاظ على نهج الإصلاح وتفعيل دور العمل البرلماني دون عقبات، ومن ثم الوصول إلى حكومات برلمانية، الامر الذي يعزز إجراء بقاء مجلس النواب ، وإجراء الانتخابات في موعدها وفق الدستور، بمعنى أن يسلم المجلس الثامن عشر مفاتيحه للمجلس التاسع عشر دون أن تصدر إرادة ملكية بتمديد المجلس الحالي.
3. تعقيبنا في سياق ما قدمناه (الفقرة 2) اعلاه أن من شأن ذلك بقاء الحكومة دون رحيل، على اعتبار أنها لم تنسب لصاحب الأمر (جلالة الملك) بحل المجلس الذي سنتهي مدته ( اي المجلس) وفقا للدستور بالاستناد إلى المادة 68/1 من الدستور، التي تنص على أن ” مدة مجلس النواب أربع سنوات شمسية، تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية “، بمعنى أن عمر المجلس الحالي ينتهي دستوريا في 22/ 9/ 2020، (الكتاب الصادر عن مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب رقم 2016/38 حيث تم إعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية للمجلس الثامن عشر بتاريخ: 22/ 9/ 2016) ، وهو ما يعني إمكانية إجراء الانتخابات قبل نهاية عمر المجلس وفق الدستور وفقا للمادة 68/2 من الدستور والتي تنص ” يجب إجراء الانتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس ” ، وعلى صعيد الحكومة تنتفي المادة الدستورية التي توجب رحيلها…
ب. البطالة والفقر :
البطالة والفقر التي أصبحت تؤرق الاسر الأردنية وخاصة بعد ازمة كورونا ، فقد اظهرت نتائج استطلاع الرأي العام ( نبض الشارع 14 ) الذي اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية ان انتشار فايروس كورونا دولياً، والفقر والبطالة محلياً والقدس والقضية الفلسطينية اقليمياً أهم اوليات الأردنيين،... فقد أظهرت النتائج أن قضيتي البطالة والفقر، احتلت أولويات الأردنيين كأهم القضايا التي تواجه الأردن اليوم وبنسبة (27%) لكل منهما، وفي المرتبة الثالثة جاءت مشكلة الفساد (23%)، فيما احتلت مشكلة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة في المرتبة الرابعة (19%) ... كم كتبنا ودرسنا وعالجنا هذه الآفات، بحيث أصبحت مشاكل مزمنة ترحلها الحكومات والتي سببها الاختلالات بين الموارد المالية والاقتصادية من جهة وزيادة السكان نتيجة موجات اللجوء من دول الجوار العربي من جهة أخرى… لكن الحكومة تضع في اذانها العجين والطين وكأنها هي القادرة على وضع الحلول دون غيرها، وفي هذا السياق نسأل الحكومة: هل تعلم بان نسبة تفشي البطالة قد تجاوزت 19.1% وأن أكثر من 70 في المائة من سكان الأردن من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً والمؤهلين بالتعليم الجامعي من مختلف التخصصات لا يستطيعون الحصول على فرص العمل ، الامر الذي تحدثه هذه الجموع من المتعطلين عن العمل ضغطا قل نظيرة على الحكومة ، مما يتحتم على الحكومة معالجته بإيجاد الخطط والمشاريع الواعدة بحكمة من منطلق المسؤولية الوطنية والاجتماعية.
ت. حقيبة الدَّين العام:
ارتفع إجمالي الدين العام للأردن إلى نحو 43 مليار دولار، أو ما نسبته 99% من الناتج المحلي الإجمالي ، وهي المرة الأولى التي يبلغ هذا المستوى في تاريخه، وفقا لبيان صادر عن وزارة المالية الأردنية ، وجاء ارتفاع المديونية بشكل كبير خلال العام الماضي، بسبب ارتفاع فوائد القروض وحصول الحكومة على قروض جديدة من مؤسسات دولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين وتسهيلات ائتمانية من بعض الحكومات ، ناهيك بالتدهور الاقتصادي العام، والعجز في الميزانية، وانخفاض مستويات المعيشة فضلاً عن شبه انقراض للطبقة الوسطى وهنا نذكر حكومتنا على ضرورة اتخاذ عدة إجراءات للمعالجة مشكلة الارتفاع المستمر للدين العام ومن هذه الإجراءات التفكير بهيكلة الديون وبخاصة ذات الاقام الكبيرة...
يعتبر هذا مؤشراً سلبيا على أداء الاقتصاد الأردني خلال السنوات الماضية، متزامنا مع عدم التمكن من السيطرة على معدلات الدين العام التي ارتفعت بشكل واضح نتيجة استمرار الحكومات بسياسات الاقتراض من الداخل والخارج من أجل تمويل عجز الموازنة العامة وسداد القروض والفوائد المستحقة عليها.
(2) خارجيا السعار الليكودي الصهيوني الذي يستهدف الأردن
السعار الليكودي الصهيوني العنصري الذي يستهدف الأردن في كل شاردة وواردة وتحديدا الإرهابي نتنياهو ، والذي يبدو لي بانه هناك تكهنات حول البدء في تنفيذ مشروع ترامب – كوشنير للسلام! (صفقة) القرن خاصة بعد تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة المقبلة وإقرار الكنيست الصهيوني بتاريخ 7/5/2020 تشكيل حكومة وحدة بين بنيامين نتنياهو ومنافسه بيني غانتس لصالح حصول نتنياهو على تفويض رسمي لتشكيل الحكومة المقبلة، حيث يدخل اتفاق الرجلين على تقاسم السلطة حيز التنفيذ ، ويتعين على الحكومة الجديدة إعادة بناء اقتصاد الدولة الذي تضرر نتيجة فيروس كورونا المستجد، كما ستعمل على طرح برنامج لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وخاصة في غور الاردن وشمال البحر الميت تحت نفوذها ، ... لم تتوقف التحذيرات الأردنية حول هذه القضية، والتي تؤكد أن هذه الخطوة ستنسف الحلول السياسية للقضية الفلسطينية وفي رسالة شديدة اللهجة، حذر جلالة الملك عبد الله الثاني، من "صدام كبير" ومزيد من الفوضى والتطرف في المنطقة إذا ما اقدمت دولة الكيان على ضم أجزاءٍ من الضفة الغربية... وهنا وفي راينا فانه يتطلب من الجهات المعنية الاردنية التعامل بيقظة عالية مع مخططات هذه الحكومة الصهيونية المتطرفة وما قد يخرج عنها من قرارات يكون لها اثارا سيئة على الواقع الاردني.
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com