منذ الدقيقة الاولى في حياة كل شخص منا ومع اول نفس لنا على هذه الحياة تبدأ المسؤوليات بالوقوع على عاتقنا شيءً فشيء فبحكم زيادة عدد السكان اليوم بولادة طفل جديد تبدأ حقوقنا و واجباتنا بالمسير معنا اولا بأول.
ومع بدء الإحساس بالحياة التي نعيش فيها تبدأ المشاعر تُبنى في داخلنا ، مشاعرنا اتجاه آبائنا وأمهاتنا ، مشاعرنا اتجاه الغرفة والسرير الذي ننام فيه ، مشاعرنا اتجاه شخص قام اليوم بملاعبتنا أثناء مسير امي في احد الاسواق ، مشاعرنا اتجاه فرحة والديَّ بعد خطوتي الاولى وتشجيعهم الكبير لي للنهوض مرة اخرى والمحاولة لخطوة ثانية وثالثة ورابعة.
ومع أول يوم لي في المدرسة وبعد ذهاب والديَّ وتركي لوحدي عدة ساعات في المكان الجديد الذي لم ازوره من قبل تبدأ رحلة الخوف والحماس بداخلي ، بعد ان تعودت البقاء طوال اليوم مع امي في البيت اليوم انا من غيرها لعدة ساعات ، انا اليوم في مكان يكثر فيه الاطفال يلعبون ويمرحون ومن هنا تبدأ اول صداقة…!
نكبر شيء فشيء نكون صداقات وعلاقات مختلفة وكثيرة تبدأ أجسامنا بالتغير تدريجياً ، نواكب اعمارنا تبدأ عقولنا بالتفتح بشكل كبير ، نبدأ بالصعود إلى أول درجة من درجات حلمنا وطموحنا ، نختار ذلك الصديق الذي سيكون هو نصفنا الثاني بتحقيق هذا الحلم "المساعد الرئيسي ".
تنسينا حياتنا الجديدة بعضاً من واجباتنا تجاه اهالينا بعد ان كانوا هم مصدر التشجيع الأول لنا ليحل محلهم ذلك العلاقات والصداقات وتصبح في المرتبة الأولى في التشجيع ثم هم في المرتبة الثانية ، نمضي أكثر وقتنا مابين الدراسة وخروجات الزملاء ، ويصبح مدة حديثنا معهم لا تتجاوز البضع دقائق من كل يوم او اسبوع .
تبدأ رحلتنا الثالثة في الحياة وهي بدء الانخراط في المجتمع بشكل موسع وأكثر جدية تزيد مسؤوليتنا اتجاه اهالينا واتجاه مجتمعنا ووطننا بشكل كامل ، قد يبقى هذا الصديق الذي احتل المصدر الأول في التشجيع واخذ لقب نصفنا الثاني في الحياة وقد يذهب ، لكل شيء بدايات ونهايات .
بعد أول حدث يحصل لدينا في رحلتنا الثالثة نتمنى العودة الى حضن آبائنا وتركهم للدفاع عنا ، نتمنى ان نقوم بترك كل شيء حولنا والرجوع بالاحساس لأول نفس قمنا بأخذه بعد مجيئنا على هذه الحياة ، نتمنى ان نرجع لاول خطوة خطوناها وسقطنا ثم قمنا بفضلهم وخطوه الثانيه والثالثة.
اليوم وبعد مضي 69 يوماً من الحجر الصحي المنزلي وابتعادنا عن كل انشغالات الحياة ، أدركنا كم ان حياتنا لا تمضي إلا بفضلهم و برعايتهم ادركنا ان اشتياقات هذه الحياة ليست مهمة ، ادركنا ان من الممكن العيش لاخر العمر في المنزل الذي ترعرعنا فيه والذي قام باحتوائنا منذ صغرنا .
ملذات واشتياقات هذه الحياة ليست بمهمة رسمية ، صداقاتنا وعلاقتنا ليس من الضروري أن تأخذ ساعات يومنا بالكامل ، لوالدينا وبيتنا حقوق علينا ، اعتقد ان من افضل القرارات التي اتخذتها الحكومة هي حجرنا في منازلنا مع من نحبهم لكي نسترجع ذكريات الماضي بعيداً عن كل ملذات هذه الحياة.