هل يُلبّي مفهوم "الإحسان" مطالب "العدالة"؟
يوسف عبدالله محمود
27-05-2020 08:57 PM
"العدالة الاجتماعية تتطلّب إجراءات وخطوات تتجاوز مفهوم "الإحسان". لا يكفي أن نعتمد في تحقيق هذه العدالة الاجتماعية على مناشدة الأغنياء بضرورة مساعدة الفقراء.
"الإحسان" شيء نحترمه و"العدالة" شيء آخر يتطلب إنهاء "الاستغلال" الذي يفجّر "الصراع الطبقي" في المجتمعات.
وعليه فإن تمسّك "الفكر العلماني الإسلامي" بمبادئ الزكاة كأساس كاف لتحقيق العدالة الاجتماعية – وفق ما ذكره الكواكبي في طبائع الاستبداد "لا يمكن أن يقضي على الجشع والاستغلال".
لا بد من ملاحظة "الفوارق الطبقية" في المجتمع والعمل على تذويبها لا بالتنظير فحسب، بل بالإجراءات العملية التي تُحدث تغييراً في البنية الاجتماعية.
مبادئ "الزكاة" ليست كفيلة بإنهاء الصراع الطبقي والقضاء على الاستغلال.
إخراج "الزكاة" ضرورة شرعية إسلامية لكنها لا تحسم انتشار "الفقر" في المجتمعات. ما يحسمه تبنّي نهج جديد يقضي على استبداد السلطات الحاكمة.
حاول العلمانيون المسلمون أن يقتربوا من مفهوم "العدالة" لكنهم أوكلوه لمفهوم "الزكاة"، وهذا بالطبع لا يحلّ التناقضات الاجتماعية.
"الاستغلال" واسترقاق الإنسان لأخيه الإنسان لا يمكن إنهاؤه بغير إحداث ثورة اجتماعية تصحّح مسار العلاقات الاجتماعية بين البشر.
وهنا أقول إذا لم تضع أنظمة الحكم في بلداننا العربية والإسلامية مشكلة "الفوارق الطبقية" في حسابها فإنها ستظل عاجزة عن توفير العدالة الاجتماعية لمواطنيها.
ما نعيشه اليوم في هذه المجتمعات لم يقارب "العدالة الاجتماعية" بل ضاعف من وتيرة "الاستغلال" و"الفساد" فازداد عدد الفقراء والجياع.
لم تعد الجماهير تقتنع بالتنظير الذي يمارسه المسؤولون، فهي تعلم مسبقاً أنه لا يرتقي إلى العمل الجاد. حتى الأحزاب السياسية العربية اكتفت هي أيضاً "بالتنظير". هل أقول إن غياب الديمقراطية هو السبب!
دون ديمقراطية سيظل أي إصلاح اجتماعي مجرّد "ترقيع" هدفه امتصاص غضب ونقمة الجماهير.
إن "الفقر" وهو نصيب الملايين العربية لا تتم معالجته بالخطب الحماسية أو بالإصلاحات الجزئية، بل بإحداث نقلة إنسانية في العلاقات الاجتماعية.
قولنا "القناعة كنز لا يفنى" مفردات جميلة، لكنها لا تكفي لإسكات فقير أو جائع ودعوته لأن يقنع بما هو فيه.
قلت إن أي تغيير لا يطال "الفوارق الطبقية" سيظل ضحكاً على الذقون لأنه لا يعالج مشكلة "الفقر" من الجذور.