منذ فترة ليست بالقصيرة، والإشاعات تحوم حول الحكومة تعديلا أو تغييرا، وكلما مالت الكفة باتجاه التغيير، يكثر الحديث عن إمكانية إجراء التعديل وكأنه قاب قوسين أو ادنى، أو على أنه حقيقة دامغة غير قابلة للتغيير، ايمانا من الحكومة أن التعديل سيطيل بعمرها ويشد من عودها في مواجهة "خصومها" السياسيين التي تماهت مع رغبة الشارع، بأن مهمة الحكومة قد انتهت، واستنفدت كامل اغراضها وقدمت كل ما لديها منذ فترة توليها مهامها وحتى اليوم.
وتطلق الحكومة في بعض الأحيان أخبار تشغل بها الرأي العام، حيال نيتها الجدية بالعمل على دمج الوزارات والهيئات المستقلة، اعتقادا منها أن هذا الأمر قد يرضي الشارع، أو يخفف من الحديث حول رحيلها، للأيهام بأن ما زال لديها المزيد من الخطط والبرامج على جدول اعمالها، لا سيما في هذا الظرف الاقتصادي الصعب، الذي تمر به البلاد عقب ما تسبب به فايروس كورونا، من حدوث حالة انكماش لم يسبق لها مثيل، أصابت كبد الاقتصاد الذي وقع بين فكي الجائحة والمديونية العالية.
ويستطيع المراقب عن بعد، أن يلمس عجز الحكومة من الإيفاء باستحقاقات المرحلة المقبلة، وأن الرسائل المشفرة التي تبعث بها، لم تعد كافية لإطالة أمد بقائها في الرابع، بعد أن عجزت في إمكانية إستحداث مزيد من فرص العمل بين صفوف المتعطلين من الشباب، وإيجاد معادلة تخفض من التشوهات والفروقات الكبيرة بين رواتب العاملين في القطاع العام، وعدم قدرتها على التقليص من نفقاتها الذي لم يتعد في حقيقة الأمر أكثر من "برواز"، تُجمل به صورتها أمام الرأي العام.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل استمرت الحكومة في نهج الجباية الفاشل عبر إقرار قانون ضريبة دخل جائر، جاء استجابة لصندوق النقد والبنك الدوليين الذين اشترطا على الحكومة حزمة من القرارات للاستمرار في تقديم القروض إلى أن لامس حجم الدين العام 43 مليار دولار.
سياسة الاقتراض التي تنتهجها الحكومة الحالية، تشكل ركنا أساسيا في سياساتها المالية، رغم أنها أثبتت فشلها خلال السنوات الماضية، وأضافت أعباء جديدة على موازنة هشة، مثقلة بأولويات يتعذر مع هذه السياسة حملها.
نتساءل في هذا السياق، أين دور الفريق الاقتصادي في الحكومة ومدى قدرته على وضع الحلول الناجعة للنهوض باقتصادنا، الذي يئن تحت وطأة مديونية مرتفعة، ويصم آذانه عن الاستماع إلى نصائح المختصين في الاقتصاد والمال ممن يدعون إلى ضرورة تغيير النهج، والسير ضمن خطة مدروسة واضحة المعالم، بعيدا عن سياسة فك الحجب، كما في مسألة تسعير المحروقات.
حكومة مقياس النجاح بالنسبة إليها يتلخص في مدى قدرتها على الاقتراض، هل هي جديرة بالبقاء؟!