استحضار الاستقلال .. استنهاض للحاضر والمستقبل
فيصل تايه
25-05-2020 11:08 AM
يحيي الأردنيون بمزيد من الفخر والاعتزاز العيد الرابع والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية ، الذي يصادف هذا اليوم الاثنين ، ليجدد الأبناء والأحفاد مسيرة آبائهم وأجدادهم الذين حملوا مبادىء الثورة العربية الكبرى ، والتي كان الأردن وما يزال وسيبقى وريثها السياسي وحامل مبادئها ، ليكرسوا معانيها في النهضة والحرية والبناء والتقدم والازدهار ، متحملين مسؤولياتهم تجاه وطنهم وصون مكتسبات الاستقلال ، ومتطلعين بعزم وثقة إلى المستقبل الأفضل بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين .
هذه الذكرى العطرة تأتي هذا العام في ظلّ ظروف استثنائية اندرج عنها ازمة صحية خانقة تعيشها الانسانية جمعاء لم تشهد لها البشرية مثيلا منذ قرن ، فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد ، هذا العدو الفتاك غير المرئي ، الذي عزل دولا وفتك بحياة الآلاف حول العالم وخلق ازمة حقيقية ، فقد نشهد انهيارات اقتصادية لعدة دول ضربها هذا الوباء القاتل الذي لا يرحم ، حيث تمكن هذا الفيروس التاجي من التسلل الى اردننا العزيز ليهدد أمننا القومي ، لكنه لن ينسينا مناسبة غالية تتمثل بعيد الاستقلال الذكرى المجيدة التي شكلت منعرجا تاريخيا في بناء الدولة الاردنية الحديثة ، والذي هو تذكير لنا ولكل الشرفاء بيوم فخرنا وعزنا ، فلن نستسلم في كل الظروف والاحوال في مجابهة هذا الخطر الداهم ، ولن نفقد الأمل في الاستمرار في مجابهته بالاجراءات التي دعت اليها الحكومة الى ان تنتهي هذه ازمة من جذورها .
ان الخامس والعشرين من أيار هو انتصار إرادة العرش والشعب التي جسدت أسمى معاني التلاحم من أجل الحرية والكرامة ، وانطلاقة معارك البناء والتنمية ، وبناء المجتمع الأردني الديمقراطي الواحد ، وهي ذكرى عظيمة تستوجب وقفة تأمل في تاريخ الأردن الغني بالأمجاد وبالمحطات المشرقة في الذود عن المقدسات ، وبرهانا على إجماع كل الأردنيين وتعبئتهم للتغلب على الصعاب وتجاوز التحديات وهي دليل على التشبث الوثيق بالوطن ، في سنة جديدة ولكنها صعبة لتأتـي و تحمل معها هذه الذكرى العطرة .
الخامس والعشرون من أيار ليس حدثا عاديا ، بل هو تتويج فعلي لإنجازات هذا الشعب بهمة رجاله وتضحياتهم في إطار من التلاحم والتمازج بين كافة شرائح الشعب الأردني وقواه الحية ، وذلك في أفق مواجهة تحديات الألفية الثالثة ، وكسب رهانات التنمية ، وهو استنهاض للحاضر والمستقبل ، فمن حقنا أن نعلي الرايات لتبقى شامخة في ذكرى الحدث الكبير لترقى إلى منزلة الأطوار الكبرى في تاريخنا بل إلى أعلاها ، والتي هي ذات أثر كبير في نفوس الاردنيين وعقولهم وإحساسهم ورؤيتهم لمستقبلهم ، فعلى هذا الأساس يجب إعادة تمثل ذكرى عيد الاستقلال باعتبارها من قبيل استرجاع الماضي واستدعاء المستقبل في سياق واحد جامع محفز مشجع للأردنيين جميعا على مزيد من العطاء والبذل.
إننا نقف اليوم وقفة واحدة للتشبث بالأبعاد الفعلية والأبعاد الرمزية لعيد الاستقلال ، الذي يسهم كل عام في دفعنا من جديد نحو واجهة المستقبل المشرق للأجيال ، بل ويسهل علينا الإسهام الإيجابي في نظرتنا للحياة ، ويمكننا من الاطلاع بمسؤوليتنا الوطنية في هذا النطاق ، لان الاستقلال قائم على الإيمان بهذا الوطن ، وطن الجميع ، متعاهدين على التضامن الذي يدعم الصلة بين كل الأردنيين بكل ألوانهم وأطيافهم ، ليتمثل الوفاق والإخاء والتسامح بأروع صوره ، تجسيداً للقيم الخير والعطاء التي تربى عليها كل الأردنيين في بيت بني هاشم بفضل السياسة الرائدة للمغفور له جلاله الملك الحسين -طيب الله ثراه- التي أهلتهم لخوض غمار الحاضر والمستقبل ، وليرث ذلك الفكر جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين لاستكمال مسيرة الخير في إدارة الدولة الحديثة ، وليحرص على أن يجعل أفكار التضامن والتسامح والوفاق من القضايا ذات القيمة المطلقة ، لتصبح منسجمة مع الأفكار الرائدة لتبرز القيم التي شملت فهمنا للواقع وإحساسنا به ، والتي أثرت في مفهوم الاستقلال ذاته ، فلم يعد ذلك الحدث يوحي بأنه مجرد نهاية مرحلة سابقة ، إنما أصبح عهد العطاء والازدهار التي يدخلها الأردنيون متعطشين إلى تطبيق رؤيتهم لمستقبل زاهر ، بتحقيق إرادتهم ، لهذا فقد نشأ في أذهان الأجيال أن الاستقلال رمز النهوض ، والإقبال على صياغة الكيان المستقل ليكون الدليل على التشبث بالحياة ، وانطلاقا من هذا الفهم يكتسب حدث الاستقلال معنى التجدد والدوام ، فهو حدث دائم الحضور في الذاكرة ، ذو أثر في الفكر وقدرة على تكوين الشخصية الوطنية الأردنية الأبية ، لأن هذا التاريخ موصول بحديث الروح الضاربة في منظومة القيم التي تربط الأمم بماضيها وتصلها بتصورها عن ذاتها وتمنحها معنى حيوية الأمة وتأجج روح العطاء بين أبنائها.
في عيد الاستقلال ، من حقنا أن نتغنى بالاستقلال ، وان نرتفع رايات العز والفخار لندرك أبعاد هذا الحدث الوطني الكبير الذي يزرع فينا المزيد من حب الوطن ، والمزيد من الولاء لترابه الطهور ، وقيادتة الهاشمية المظفرة ، والمزيد من التعاضد والتماسك والإخاء ، ليظل الأردن رمزا لكل التحديات وعنواناً للعطاء ونبراس خير وبركة ، لنستحضر الاستقلال على الدوام ، ونفهم معناه الحقيقي لنبني الإنسان بعزيمة الرجال وليبقى الأردن حرا عزيزا غاليا .
بقي أن انتهز هذه المناسبة لاقدم اجمل التهاني الى سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين والعائلة المالكة ، متمنيا ان يعيدها الله على جلالته وعلى الاسرة الهاشمية الكريمة والشعب الأردني بوافر الصحة والعافية والاردن ينعم بالخير والامان ، كما وأبارك لكل الأردنـيين الذين يقدمون أروع صور الـبذل والعـطاء بإلتزامهم تجاه أنفسهم ووطنهم.
كما واوجه تحية فخار إلى كافة مرتبات قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية بمختلف تشكيلاتها والى كافة كوادرنا الصحية في مختلف مواقعها ، وأقول للجميع عيدكم مبارك .. وأتم الله عليكم نعمته ..
وكل عام وانتم الفخر والعزوة والسند
وكل عام وانتم والاردن بألف خير