برغم مظاهر الحظر الشامل التي فرضتها ظروف استثنائية يمر بها الوطن سائر بلاد الله الواسعة، نرفع أكفنا بداية إلى الله أن لا تطول هذه الجائحة، وأن يرجع نبض الحياة إلى طبيعته بعيدا عن كل ما عاناه المواطن طوال الثلاثة شهور ونيف الماضية.
وسط كل هذه القيود التي فرضتها أوامر الدفاع متعددة الأغراض، فقد رسم الأردنيون لوحة جميلة وأبدعوا في انتزاع فرحتهم وسط هذا الحظر ابتهاجا بمقدم عيد الفطر السعيد، جلها جاءت عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، يتبادلون التهاني ويطمئنون على أحوال بعضهم، تنفيذا لما دعا إليه ديننا الحنيف، من صلة رحم وتواد وتراحم وتآخ.
وما يجدر الإشارة إليه، أن التواصل أخذ أشكالا عدة، بعضها جاء يحمّل الحكومة الخطأ في التقديرات في صيغة لم تخل من القسوة، وبعضها في إطار نقد لاذع لا يخلو من السخرية بقول أحدهم، أن وزيرا أبلغهم ذات يوم بشراء الحلويات، وأبلغهم آخر صبيحة اليوم التالي عيّدوا في بيوتكم، وبعد تنفيذ عمليات الشراء بنجاح، لكن بعد بالغ عناء بسبب التزاحم، امتثالا لنصيحة الوزير "الأول"، التي سرعان ما اصطدمت بتصريح الوزير الثاني، ولكن بعد فوات الاوان، اذ تكدست اكوام الحلويات في وجه مشتريها، وباتت تتملكه الحيرة عن مصير الكميات التي ابتاعها لأهله وجيرانه وأصدقائه، ما كان يملك إلا أن يشبّه قرار شرائه للحلويات، بقرارات الحكومة التي أعلنتها في الآونة الأخيرة.
نرى بأن الأرقام التي سجلت بفايروس كورونا مقلقة، وتدعو إلى اتخاذ مزيد من الحيطة والحذر، حتى لا يصبح الوباء سيفا مسلطا على رقاب العباد، ونتفق مع الحكومة في هذا الجانب، لكن ما نرجوه أن تكون القرارات منسجمة مع بعضها، وأن تعبر عن مدى الخطورة التي يمثلها "كوفيد19"، فبقدر نجاح الحكومة في إصدار قرارات تستند إلى أدق التفاصيل، بالقدر الذي ستنجح فيه بالقضاء على فرص انتشار الوباء.
يبدو أن "مشوار" الأردن سيطول صحيا تحت وطأة خطر هذا الوباء وما يليه من هزات ارتدادية لها اتصال مباشر على مستوى معيشة العامة، والتصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء يوم الخميس الفائت، في الإعراب عن أمله بأن تتحسن الأمور خلال عيد الأضحى المبارك، يحمل بين طياته أكثر من معنى، لا أدري إن كان علينا أن نتفاءل أو نتشاءم، وهذا ما سيكشفه لنا طالع الأيام المقبلة، إن لجهة عدد الإصابات من عائدين أو مخالطين، أم في كيفية مدى تعاطي الحكومة مع هذا الملف الصحي الشائك.