إسرائيل تحاول اغتيال المبحوح مرتين
سليمان القبيلات
02-02-2010 02:32 PM
أتبعت إسرائيل اغتيالها القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي أخيرا بقصة تندرج في اطار الحرب النفسية لتشويه صورة المقاومة ورموزها، ونشرتها صحيفة "يديعوت احرونوت" أمس.
هذه المرة اختارت وحدة الحرب النفسية في "الموساد" قصة المرأة التي توقع بحبائلها الناشط المستهدف ليكون لقمة سائغة للتصفية، في إشارة ضمنية إلى جانب سري من حياة "البطل المقاوم"، فتتقدم المرأة لتعري ضعفه أمام الجنس، وهو ما يشكل اغتيالا مزودجا للرمز، فضلا عن تشويهه في المخيال الشعبي العربي.
وزعمت الصحيفة أن روايتها عن دور المرأة في الاغتيال منسوبة الى مصادر في شرطة دبي، حيث كانت رأس الحربة فتاة أجنبية خدعت الشهيد بطرقها على باب غرفته وجهرها بصوت نسائي، في ايحاء لضعف العربي أمام نداء الانثى واستجابته في فتح الباب ليلقى مصرعه.
بنسج قصة المرأة، تسعى إسرائيل الى اغتيال الشهيد المبحوح مرتين؛ الأولى القتل الجسدي، والثانية قتله كرمز للعمل المقاوم الذي يجد فيه كثيرون مثالا يحتذى على إنكار الذات والعمل من أجل تحرير بلاده.
ولعل الأخطر في الثانية، حيث يستسلم رجل المقاومة الاسلامي أمام حضور المرأة، التي تدرك إسرائيل وهي تخوض حربها النفسية على العرب، أن الوعي الشعبي في محيطها المعادي يرفض بشدة ما يسمى "حياة سرية"، خصوصا لرجل يتصدى لشأن خطير هو مقاتلة إسرائيل، وبذا تدس اليأس من جدية مشروع مقارعة الاحتلال، وكأنما تريد إظهار المقاومة فعلاً عبثياً على الارض، في الوقت الذي ينام فيه القادة في الفنادق ويعيشون أوضاع الدعة التي لا يعرفها الشعب المكتوي بنار الاحتلال.
لا تبدو مُحكمة رواية "يديعوت أحرونوت" أيّاً كان ناسجوها، خصوصا وأن المستهدف واحد من أخطر النشطاء المطلوبة رؤوسهم في كل لحظة لإسرائيل، وهو حمل دلالته قرار إخراجه من غزة بعد تقييم دقيق لوضعه بوصفه مستهدفا، اذ كان الاحتلال يدرجه على القائمة الخطرة، ويعتبره صيداً ثميناً يجب الوصول إليه انتقاما من دوره في المقاومة. وما الاحتفاء الإسرائيلي والاطناب في كيل المديح للموساد وقائده مئير دغان بعد اغتيال المبحوح الا دليل على أهمية "الدور الموجع" الذي كان ينهض به الشهيد.
وحسب الصحيفة فإن المبحوح يعد، وفق تصنيف الموساد، "رجل الاتصال الأول في شراء الاسلحة من إيران وجهات أخرى، وتهريبها إلى قطاع غزة"، فضلا عن انه من اولئك الناشطين الذين أعيوا الموساد بحثاً لقتله بعد أن أسر جنديين إسرائيليين العام 1988.
وفي اشارة الى معلومات لا تتسنى إلا لأجهزة استخبارات ضاربة القوة، تورد القصة الإسرائيلية للاغتيال وصفا للحيطة والتدابير التي تزعم الصحيفة أن الشهيد كان يتخذها خلال نومه، فتقول ان "المبحوح اعتاد عدم النوم قبل أن يغلق باب ومنافذ غرفته بقطع الاثاث والكراسي، علّها تمنع اقتحام الغرفة، أو على أقل تقدير تعيق الاقتحام، فتمنحه فرصة للمواجهة واتخاذ التدابير في حال حاول أحد ما اقتحام مكان إقامته".
في تفسيرها غير البريء لاحجية اغتيال المبحوح تقول "يديعوت أحرونوت"، "إن فريق الموساد نجح في دخول غرفة القائد الحمساوي من دون إثارة جلبة، وتجاوز العوائق التي يضعها أمام باب الغرفة، بتجنيده فتاة أجنبية أقنعته بارتكاب الخطأ القاتل الذي دفع حياته ثمناً له، بعدما فتح باب الغرفة بإرادته ليجد أمامه أحد اعضاء فريق الاغتيال".
ويتبع جيش الاحتلال وحدة الحرب النفسية التي أقرّ تشكيلها منذ فترة طويلة، لشعبة الاستخبارات العسكرية المعروفة بـ"أمان"، وهي تركز نشاطها خصوصاً على التأثير في معنويات الفلسطينيين والعرب، فضلا عن تشويه صور المقاومة التي تسميها ارهابا. وكانت الإذاعة الاسرائيلية العامة أكدت أن وحدة الحرب النفسية تضم رجال استخبارات وعلماء نفس ومستشرقين وخبراء بسمات الشخصية العربية، وتعمل بناءً على توصيات ونتائج دراسات اجريت حول النفسية والذهنية العربية.
ومن قصص الحرب النفسية اللافتة في تشويه سمعة قادة المقاومة عندما نصبت هذه الوحدة كاميرات تصوير في زنزانة القيادي الاسير مروان البرغوثي، ليظهر وهو يتناول طعامه في الزنزانة بينما كان الاسرى اعلنوا اضرابا احتجاجيا عن الطعام.
"يديعوت احرونوت" زعمت أنها نقلت عن مصادر مقربة من فريق التحقيق الاماراتي في اغتيال المبحوح، أن فتاة اجنبية كانت كما يبدو ضمن فريق الاغتيال ودخلت مثل بقية الاعضاء بواسطة جواز سفر أوروبي، لافتة إلى أن جهات التحقيق لا تعرف حتى الآن على وجه التحديد طبيعة مهمة الفتاة ضمن تشكيلة الفريق "لكن يعتقد أنها استخدمت لإغواء المبحوح كي يفتح باب غرفته"، حسب الصحيفة.
وليكتمل رسم سيناريو الإيحاء بالقوة الضاربة للموساد، حرصت الصحيفة على أن تكون أسانيد روايتها من التحقيق الاماراتي، زاعمة "أن جهات أمنية أخرى في دبي أبلغتها بعدم يقينها من جنسية الفتاة، وما اذا كانت أحد العاملين في الفندق أو دخلت الامارة بتأشيرة سياحية، لافتة الى أن التحقيق "يفحص امكانية تسلل فريق الاغتيال عبر نافذة غرفة المبحوح أثناء انشغاله بفتح الباب للفتاة "الطعم"، وذلك حتى يتجنب القتلة المرور في بهو الفندق.
sulimanalqbailat@alghad.jo
الغد.