لا أبالغ أو أجانب الصواب، إن قلت أن الحكومة بقرار حظر الأيام الثلاثة المفاجى، قد أربكنا وخلط الأوراق ببعضها، بعد كل ما شهدناه من فوضى غير مسبوقة في الشوارع والمحال، والأدهى من ذلك، يخرج علينا مسؤول حكومي ويقول "ربنا يستر" حيال ما سجله من مشاهدات أوصلته حد الصدمة.
ماذا كانت تنتظر الحكومة من المواطن بعد أن فاجأته بحظر غير متوقع بثلاثة أهداف قاسية لم تكن ضمن حساباته وتوقعاته، فكان من الطبيعي أن يرد جموع المواطنين بسلوك يعيد الكرة إلى مرمى الحكومة وينكبوا على شراء احتياجاتهم بهذه الطريقة، ولا تعيّرونا بنقص ثقافتنا وحضاريتنا، فقد تابعنا هذه المشاهد في دول العالم المتقدم وهي ليست حصرا علينا، ولكن بتخبطكم وارتجالية قراراتكم أوصلتمونا إلى هذه النتيجة الحتمية.
لقد صدعتم رؤوسنا بأن جميع قراراتكم تخضع للتقييم والدراسة، تتخذونها بناء على قناعاتكم ومتابعاتكم اليومية، وبناء على تنسيب لجان طبية مختصة لا مجال فيها للخطأ، لكن ما نرقبه ونلحظه يعكس حالة من العشوائية وعدم الدراية الكافية، لتسيير دفة الأمور بما يضمن سلامة وسلاسة الإجراءات والقرارات.
التجارب السابقة تؤشر بما لا يدع مجالا للشك، أن مجتمعنا اكتسب ثقافة التجمهر والشواهد عديدة، شأنه في ذلك شأن أي إنسان يعيش على هذه البسيطة، وليست ميزة تفردنا بها عن بقية شعوب الأرض، وانما هي سلوك بشري طبيعي تترجم مثلث أبراهام ماسلو الهرمي الذي احتلت فيه غريزة البحث عن الطعام موقع الصدارة.
قرار الحكومة الارتجالي خلق أجواء غير طبيعية وبخاصة ما شهدناه من تزاحم على أبواب المخابز والمواد التموينية، حالة من لم نعهدها او نعتد عليها من قبل، لا سيما وانها تزامنت مع الشهر الفضيل الذي يشرف على نهاياته بعد ساعات.
لم تعد الحكومة من جانبها تملك ترف الوقت، وعليها أن تدرك أن صبر المواطن بدأ ينفد، وبخاصة أنه لم يعد مقتنعا ببعض إجراءات الحكومة الوقائية وما تسببت به هذه الجائحة من حجر وحظر، فالحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بأن تدرس وتنوع من خياراتها بأسلوب يوفر لها صوابية في القرارات اذا ارادت أن نخرج من هذه الجائحة بسلام، وأن تمضي في خطة واضحة المعالم، حتى يقتنع بها المواطن ويكون عونا وشريكا لا شماعة تعلق عليها الحكومة خيباتها.
الحكومة مطالبة اليوم أن ترسخ في أذهان البعض من غير الملتزمين بارتداء الكمامة والقفازات وترسيخ ثقافة التباعد، الأمر الذي يستدعي معه التأكيد باستمرار على أصحاب المحال التجارية، بعدم السماح لأي كان الدخول إلى المتجر اذا لم يتبع الإجراءات الصحية التي من شأنها حمايته وحماية غيره من انتقال عدوى الفايروس، ولا مانع من تحرير مخالفات بحق البعض ممن لا يلتزم بأمر الدفاع.