كيف نقرأ التعديلات الوزارية المتكررة: التأثير والرؤية والى متى؟
د.بكر خازر المجالي
19-05-2020 03:15 PM
حين نقرأ في الاوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني نلمس التركيز على تجذير الديمقراطية التي لن تكون الا بالوصول الى الحكومات البرلمانية ، التي تكون عمرها بمثل عمر المدة الدستورية للبرلمان . وتهيأت كل اساسيات الديمقراطية الكاملة ، ولكن لم نصل بعد الى الحكومة البرلمانية بمعناها الصحيح مطلقا ، وبقيت الامور كما كان منذ تأسيس الدولة باستثناء حكومة برلمانية واحدة عام 1956 لم تعمر هي طويلا.
الحديث الان عن التعديل الخامس على حكومة الرزاز ،وهي حكومة غير برلمانية ، والتعديلات ربما جاءت باسماء وزارات لم يستوعبها الكثيرون ، ونلمس ان هناك تمددا في حجم الحكومات ، وفقط لنتذكر ان وزارة التربية والتعليم كانت هي وزارة ثقافة وشباب ،وتعليم عالي ، فهي التي تعني بالمراكز الثقافية وترخيصها ،وتعني بالمخيمات الكشفية والمعسكرات وهي تعتني بالجامعات يوم كان لدينا ربما ثلاث جامعات .
وكانت وزارة الداخلية هي البلديات والادارة المحلية ،بمعني ان وزارتين اصبحت الان 6 وزارات ، مع ذكر الحقيقة اننا نشعر بقيمة معنوية كبيرة لاسماء الوزارات القديمة .
لكن ما نلاحظه سرعة اتخاذ قرارات التعديل والدمج والفصل ، والموضوع يجعلنا نتساءل عن كيفية التقييم للوصول الى قرارات خلال اقل من سنة ، ونتساءل لماذا لا يكون هناك ثبات في الوزارات بقوانين واضحة لا يمكن تعديلها الا وفقا للقنوات الدستورية ؟. ولا يمكننا ان نعول على الاستطلاعات لبعض مراكز الدراسات حول تقييم الشعب للحكومة ،ولا تخلو اية حكومة من الاقاويل حولها ، وظهور تيارات مختلفة كل لها زاويته حسب الفائدة والشخصنة ويأتي في ذيل القائمة المصلحة الوطنية . ويلاحظ ان الفاصل الزمني بين التعديلات الاربعة كان اربعة اشهر في اول تعديلين ، وستة اشهر في التعديلين الاخيرين ، وان جاء التعديل الخامس خلال هذا الشهر فان الفاصل عن اخر تعديل الذي كان في 7 تشرين الثاني 2019 سيكون ستة اشهر ، وهنا هل هذه المدد كافية للحكم على اداء الوزراء او الوزارات ؟
مع التعديل الجديد ومعلومات الدمج تعيدنا الى مسلسل مليء بحالات الفصل والدمج ، ونحن على غير علم بالتكاليف والتأثير على موازنة الدولة وعلى الاجراءات الادارية .
وربما من المناسب ان يكون هناك تعليمات تسمح لرئيس الوزراء بإجراء ثلاثة تعديلات ،وأن يثبت عندها ،ربما يمكن تضمين ذلك في مدونة السلوك الوظيفي الخاصة بالحكومة ، ووجود مثل هذا الامر يصنع استقرارا وزاريا ، وتتوفر الفرصة للوزراء للتصحيح والتغيير والتطوير بعيدا عن شبح التعديل الذي ينطوي على مفاجآت دائما ، وأيضا يوفر لرئيس الوزراء العمق في الادارة والتركيز في التخطيط ، عدا ان الرئيس منذ البدء لن يختار الا الوزراء الذين هم اهلا فعلا للمهمة ،ومن مراجعة تاريخ الحكومات الاردنية (غير المكتوب مطلقا ) الا بذكر مسائل التشكيلات والتعديل والثقة من مجلس النواب ،نجد اننا ربما الاكثر تشكيلا وتوزيرا نسبة لعدد السكان وبالقياس مع المسار الزمني .
اقول ان رئيس الوزراء ليس له اكثر من ثلاث مرات للتعديل ، وهذه رؤية مستقبلية من وحي زمن الكورونا الذي كشف لنا الكثير ، وتبين ان هناك بعض الثغرات ، فكانت الكورونا تمرينا وطنيا بامتياز أمنيا وعسكريا واداريا ، ومن اهم نتائجه إعادة ترتيب الاولويات واتخاذ قرارات واقعية صحيحة ، وان مسار إعادة ترتيب البيت الداخلي هو ضرورة ماسة يجب ان نصل اليها .
ونبقى نتساءل الى متى ؟ هل نحتاج الى ثورة بيضاء في كيفية تشكيل الحكومات لتتفق مع رؤية الدولة وبتركيز الجهد والتوافق مع ضغط الانفاق وزيادة الانتاجية ،وتقليص البنايات والمراكز وتبسيط الاجراءات.
بعد هذه الجائحة من الطبيعي ان يطرأ تغيير على انماط التفكير ، والرهان الان كيف نستفيد من المرحلة الحالية وتطوير منهج وطني جديد يرفض الكثير من ارث التشكيل والتوزير والتعديل .