تكامل الأنظمة الشاملة وانعكاسها على النظام الصحي
السفير الدكتور موفق العجلوني
18-05-2020 08:41 PM
نعم إن الهدف الرئيسي لأي نظام صحي ناجح في العالم هو المحافظة على صحة الانسان وحمايته من الأمراض المعدية والمزمنة وتوفير الرعاية الصحية لهم بمستوياتها الأولية Primary Health Care ; PHC والثنائية والثلاثية وبطريقة فعالة وآمنة وعادلة secure , efficient , and equitable وبأقل تكلفة ممكنة على مستوى الفرد والمجتمع (نظرية الانسان أغلي ما نملك).
والنظام الصحي الناجح له مكونات اكاد ان أقول انها مكونات ليس من السهولة التعامل معها الا من خلال عقلية حاكمية متفتحة متنورة مؤهلة علمياً و عملياً و لها خبرة و مراس و تستطيع حبك مكوناتها بمهارة عالية، حيث استطاعت الجهات الصحية الأردنية بنجاح غير مسبوق تحقيقه على ارض الواقع اثنا ازمة جائحة كورونا ، وهذه المكونات كما أشار لها - عطوفة الباشا اللواء الدكتور موسى العجلوني مساعد مدير الخدمات الطبية للتخطيط سابقاً ومستشار منظمة الصحة العالمية حالياً - في مقاله المنشور في وكالة عمون الغراء يوم امس بعنوان : تأثير وباء كورونا على النظام الصحي في الأردن : الحوكمة والإدارة .
حيث كان لتطبيق مفهوم الحوكمة والإدارة وتقديم الخدمات والتمويل والتكنولوجيا الطبية والأدوية والموارد البشرية ونظام المعلومات والمشاركة المجتمعية الأثر الكبير على النظام الصحي في الأردن من حيث حصر الوباء والسيطرة عليه في حين فشلت دول عظمى وتمتلك إمكانيات هائلة لغاية الان في التوصل الى أدوات لحصر هذا الوباء، ويعود الفضل اولاً للإرادة السياسة وتكامل كافة الانظمة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية واللوجستية.
وقد تمثلت الحوكمة الصحية الأردنية في إدارة هذه الجائحة لازمة كورونا وكوفيد ١٩ بالمعطيات التالية:
•اتبعت الحكومة الأردنية منذ حال ظهور وباء كوفيد 19 في الصين سلسلة متوالية من الإجراءات الوقائية والتوعوية وتعبأة وتوفير كل الإمكانيات المتاحة لمواجهة هذا الوباء ومحاصرته وخاصة بعد تسجيل اول اصابة في الأردن بتاريخ ٢/٣/٢٠٢٠
•تسارعت الإجراءات الحكومية لاحتواء هذا الوباء لتشمل غلق المنافذ الجوية والحجر على كل القادمين من خارج المملكة.
•تعطيل المدارس ومن ثم المؤسسات الرسمية والخاصة وتقييد حركة المواطنين.
•تفعيل قانون الدفاع ونشر الجيش على مداخل المدن وبلغت ذروتها في فرض حظر التجول التام في جميع مناطق المملكة في فترات محددة وفرض الحضر الجزئي الذي لا يزال ساريا لغاية الآن.
•نجحت سياسة التباعد الاجتماعي الصارمة وحملات التوعية الصحية وتشكيل الفرق الفنية للاستقصاء والرصد الوبائي التي غطت كافة التجمعات السكانية التي ظهر فيها الوباء وامتدت لتشمل كل مناطق المملكة.
آما أهم الدروس التي يمكن الخروج منها فيما يتعلق بالمكون الأول للنظام الصحي والخاص الحوكمة والإدارة كما جاء في مقال الباشا العجلوني:
• فقد نجحت الحكومة من خلال المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات في جمع وتوحيد وتنسيق كافة قطاعات الدولة (الصحية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والبحثية والخيرية) لمحاصرة الوباء ومنع انتشاره.
• تم كل ذلك بتوجيه وإشراف ومتابعة حثيثة من القيادة العليا ممثلة بجلالة الملك.
•دور النظام السياسي في تأثيره على تكامل الأنظمة الأخرى: النظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي على النظام الصحي والعلاقات التبادلية بين هذه الأنظمة.
•اتسمت إدارة الوباء من الناحية الطبية بتوحيد جهود مقدمي الخدمات الصحية الحكومية والعسكرية والجامعية والخاصة في المملكة تحت قيادة واحدة (وزارة الصحة) مما انعكس ايجابيا على تنظيم أداء هذه القطاعات على اختلاف إداراتها وهيأ المناخ المناسب لتعمل القوى الصحية في الميدان كفريق واحد.
• الأثر الكبير لدور قطاع الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية في هذه المنظومة حيث زودوا النظام الصحي بالعلاجات والمستلزمات الطبية اللازمة على مدار الساعة بالإضافة الى الدور الإيجابي للصيدليات الخاصة وقيامها بالمساهمة في توصيل الأدوية للمرضى الى بيوتهم. للبناء على هذه التجربة وتعزيزها لا بد من ايجاد مظلة وآليات واضحة ودائمة لتنظيم عمل جميع القطاعات الصحية.
•اتباع النموذج الاستباقية Anticipatory Approach ( التخطيط للأزمة والاستعداد لها) بدلا من النموذج الانعكاسي ( رد الفعل الآني ) Proactive Versus Reactive Approach.
•سيادة القانون Equity and Fairness and The Rule of the Law والعدالة في تطبيقه على الجميع والتزام الناس بالتعليمات الحكومية.
• سياسة الشفافية Transparency التي تبنتها الحكومة اثناء ادارة الأزمة، ساهمت في زيادة ثقة الناس بالحكومة واحترامهم للتعليمات الصادرة عنها وتطبيقها وعدم الاستماع للشائعات ومحاصرتها.
و خلاصة القول ، لا بد حقيقة من الإشادة بالسياسة التي انتهجتها الحكومة الأردنية بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله من خلال تطبيق مفهوم الحوكمة في إدارة ازمة كورونا على الساحة الأردنية و تواصل جلالة الملك حفظه الله مع اشقائه الزعماء العرب و أصدقائه من الزعماء في العالم من اجل بذل الجهود لمحاصرة هذا الوباء ، و تكامل كافة الأجهزة الامنية و العسكرية و الاقتصادية و الاجتماعية وفي دعم الجهاز الصحي و الطبي و التفهم الكامل و تعاون المواطن الاردني و الاستجابة لتوجيهات الحكومة و الأجهزة الأمنية .حيث بات الاردن نموذجاِ يقتدى به على مستوى العالم ، وقد لمست هذا شخصياً بشهادة جهات انجليزية من مختلف الاوساط الرسمية والدبلوماسية و الطبية و الإعلامية و الاكاديمية و الاجتماعية اثناء وجودي في لندن خلال هذه الازمة .