تقييم أداء الحكومة بـ 79%
د.إياد عبد الفتاح النسور
18-05-2020 07:17 PM
إن نسبة 79% هي حصيلة الرضا عن أداء الحكومة خلال أزمة كورونا وذلك على ذمة الاستطلاع الذي نفذه مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمؤسسة حكومية غير محايدة ، مع العلم ولغاية اللحظة لم يعرف من هم المشمولين والمستهدفين بهذا الاستطلاع وعدهم ، وكيفية اختيارهم ، وكيفية تصميم الأسئلة التي جاءت بعموميات غير محددة ، وكذلك المنهجية التي تم إتباعها ، وما الهدف الحقيقي من هذا الإستطلاع العاجل جداً . طبعاً المختصين في البحث العلمي يعلموا أن ما يعرف بالعينات غير الاحتمالية (العمدية والميسرة ... الخ) لا يمكن البناء على بياناتها ولا يمكن تعميم نتائجها ، وهي في الواقع يقتصر استخدامها لغايات محددة موضحة مسبقاً غير قابلة للتعميم والاستشهاد بها، كما أن الاستطلاع يجب أن يفصل بما فيه الكفاية بين شخوص الحكومة والقرارات التي تتخذ ، لأننا نعلم جميعاً إمكانيات طاقم الرزاز الحكومي ومستوى قدرته على إدراة الملفات الكبيرة في العمل والنقل والريادة والإدارة المحلية والاقتصاد ... الخ .
إذا كانت هذه النسبة صحيحة فاعتقد أن الجيش العربي هو من يستحق أن يتوج بهذه النتيجة بل و أكثر من ذلك ، وإذا كانت الحكومة جزء من الدولة الأردنية فاعتقد أن نتيجة التقييم تجير للدولة الأردنية عموماً ، وليس لحكومة الرزاز التي تحاول أن تستأثر بهذا الإنجاز لوحدها وتتناسى الإرهاصات التي سببتها خلال الأزمة ، والتي لو ترك بيدها لوجدنا آلاف الحالات بدءاً من السائحة الكندية ومروراً بتوزيع الخبز وليس انتهاء بملف السواقين على الحدود الاردنية السعودية وسائق الخناصري وتكلفة فحص كورونا المشكوك بأمره (55 دينار).
المغتربين جزء لا يتجزاً من الشعب الأردني شاء من شاء وأبى من أبى من المتنمرين والمستغلين لظروف الناس والمقتاتين على أرزاقهم ، وإذا رغب الرزاز الحصول على تقييم حقيقي ، فالمغتربين الذين أطلق عليهم "ممن تقطعت بهم السبل " هم الأكثر قدرة على تقييم أداء الحكومة ، يضاف ليهم الفقراء وأصحاب العوز في المخيمات والقرى والبوادي الفقيرة ، وليس أصحاب الربطات وعارضي الأزياء على القنوات التلفزيونية و المتنفعين والمستفيدين من أصحاب البنوك وأصحاب الشركات الذين استحوذوا على رواتب موظفيهم بمساعدة الحكومة ، واستغلوا ودائع العملاء وأسعار الفائدة المخفضة على القروض لزيادة أرباحهم.
خدمات عودة المغتربين التي قدمتها الحكومة جبائية بامتياز ولا تمت بواقع الحال للشعارات التي أطلقتها ،وهي تشبه حزمة الإنجازات الوهمية التي أطلقتها الحكومة خلال سنوات حكمها. فيظهر المغتربين أن عملية الحجز ذهبت لغير مستحقيها ولم تراعي أولويات الناس واحتياجاتهم الفعلية. فهناك أناس أنهيت عقودهم وانتهت تأشيراتهم فعلياً، وهناك طلاب ونساء وأطفال كان الأجدر أن يتم منح الأولوية لهم وفق ضوابط أكثر فعالية وجدوى ، وجدنا صور لطائرة الملكية القادمة من جدة لا يوجد بها تباعد وهي ممتلئة عن بكرة أبيها ، ووجدنا الكرفانات تزدحم بالدبيكة من الشباب غير المسؤول والأقل حاجة للسفر . الغموض كبير حول ملف الفنادق التي تستخدم للحجر ، والخدمات المدفوعة لا ترتقى إلى مستوى ضخامة المبالغ المدفوعة. فهل يعقل أن عائلة مكونة من 4 أفراد منهم أطفال بعمر 5 و 6 سنوات يخصص لكل راكب مقعد وغرفة منفصلة وتبلغ تكلفتهم الكلية 6 آلاف دينار . من حق الحكومة تشغيل فنادق الضمان الاجتماعي ولكن كل واحد يأخذ حقه سواء العميل والفندق .
هل نجحت الحكومة في معالجة التداعيات الاقتصادية لكورونا، أو أنها تمتلك رؤية في التشغيل وإعادة الاستقرار الاقتصادي وزيادة وتيرته. فحتى في الأزمات هناك فرص ومجالات يمكن البناء عليها والاستفادة منها . معدلات الفقر والبطالة التي ستكون القنبلة الموقوتة في وجه الرزاز وحكومته ، والمساعدات العربية لن تأتي في هذه الظروف، وحجم الاقتراض الحكومة في ذروته، التضييق على القوة الشرائية وتخفيض البدلات خلافاً للتوجه القاضي بزيادة حجم السيولة ، وارتفاع معدل التضخم على كثير من السلع الأساسية . عجز الموازنة في تفاقم مستمر دون أية حلول لكبحه أو تقليله، ويبقى الضغط على البنك المركزي لتوفير 500 مليون دينار أو أكثر في قادم الأيام ، كسيولة مفترضة توجهت لغير المستهدفين واستفادت منها الشركات الكبيرة في سداد إلتزاماتها ذات التكلفة المرتفعة دون إعادة توجيها في الاقتصاد، بجانب الضغط الكبير على المودعين للقبول بأسعار الفائدة المتدنية.
هل نجحت الحكومة في ملف التعليم عن بعد ، وهي تدرك وتعلم أن الفصل قد انتهى بسلبياته أو إيجابياته، وأن المشاكل التي سببها قرار التعليم عن بعد كشفت عن تردي وضعف البنية التقنية والتكنولوجية في المدارس والجامعات والمنازل ، وغياب الرؤى لدى وزارات التربية والتعليم ، والتعليم العالي، والاقتصاد الرقمي. عدم تبني استراتيجيات التعليم عن بعد في المسار المدرسي او الجامعي قبل الجائحة ، وعدم تأهيل المعلمين والدكاترة فاتورة ندفعها الآن رغم المخصصات المالية التي تحتويها موازنة وزارة التربية والتعليم المخصصة للتدريب والتطوير.
الملف الاجتماعي والمعونات والمساعدات التي تخلت عنها حكومة الرزاز ، سببت المعدل الأعلى للفقراء والمعوزين والمحتاجين ، فارتفاع عدد العائلات المستورة إلى 200 ألف عائلة التي وجهت لهم مساعدات صندوق همة وطن ، ليس إنجازاً وإنما هي مؤشر حقيقي على إتساع قاعدة الفقر والفقراء ، وضعف الاستقرار الاجتماعي بما يحتويه من مؤشرات وتداعيات، وملف دعم الخبز أخيراً يبقى سؤال يضاف إلى الأسئلة الكبيرة التي ضربت مفهوم التكافل ومساعدة الفقراء في ظهره ، كما أن دعم الفنانين في هذه الظروف أولى من دعم الأطباء والعلماء والكوادر الصحية.
وللحديث بقية ............