هل نفذت فعليا وزارة الطاقة التوجيهات الملكية؟
د. م. محمد الدباس
18-05-2020 01:14 AM
فرصة (لاتعوض) لاحت بالأفق وضاعت كفرصة (جدية) وتضائلت كفرصة (سانحة) بناءا على سعر السوق الحالي "للنفط ومشتقاته" الآيل للإرتفاع، أقدرها كمختص بشؤون الطاقة كوفر للخزينة والمواطن لا يقل عن (120) مليون دينار ضاعت كفرصة "إستثمارية-إقتصادية"، لو تم شراء إحتياطي من النفط والمشتقات النفطية يعادل فقط (31.7) % من الإستطاعة التخزينية للمملكة، فكثيرا من أصحاب القرار وللأسف، يضيعون وباستمرار الفرص المتاحة، فخلف كل أزمة (فرصة)، والفرص لم تكن يوما متاحة بالمعنى الشمولي كما كانت يوم زار جلالة الملك مرافق الشركة اللوجستية الاردنية للمرافق النفطية (المملوكة للحكومة) بتاريخ 18-4-2020 ليوجهها مباشرة من خلال وزارة الطاقة لإستغلال الفرص المتاحة جراء الإنخفاض الحاد في أسعار النفط جراء جائحة الكورونا؛ لكن وللأسف يوارب الكادر الحكومي (مرة أخرى) في استدراك توجيهات الملك؛ فمن المسؤول؟
(حاليا)؛ وبقرب وصول شحنات المشتقات النفطية المتعاقد عليها والتي قامت بها قبل فترة الشركة اللوجستية الأردنية للمرافق النفطية، ومن خلال توجيهات ملكية لوزارة الطاقة لشراء المشتقات النفطية بأنواعها كإجراء(تحوط) للسوق المحلي، وحيث أن ما تم التعاقد عليه هو بالمجمل لشراء 80 الف طن سولار وبنزين بنوعيه وقيمتها تقريباً 19 مليون دولار كانت على النحو التالي: 50 الف طن سولار و20 الف طن بنزين 90 و10 الاف طن بنزين 95، وهي كمية تكفي الاستهلاك المحلي للمملكة في الظروف الطبيعية فقط لأقل من (عشرة) أيام في حده الأقصى؛ وللعلم فإن الإستطاعة التخزينية في الماضونة هي (317) ألف طن متري، وبالتالي فإن ما تم التعاقد لشرائه يشكل أقل من 6% من قدرة التخزين للمملكة بشكل عام، ويقدر بحوالي فقط 25% فقط من سعة التخزين الكلية لخزانات الشركة اللوجستية للمرافق النفطية الواقعة في الماضونة.
(وعليه)؛ فإن ما تم التعاقد لشرائه ضئيل جداً ولم يعكس المرجو منه؛ وهو باعتقادي إجراء (رفع عتب متواضع) قامت به وزارة الطاقة؛ وبحسبة بسيطة كان بالإمكان التعاقد لشراء احتياطي أكبر، فاقتناص الفرص ليس دوما بالمتاح؛ وكان بالإمكان وبكل يسر التعاقد لشراء احتياطي لمعدل إستهلاكات أشهر قادمة؛ لمنفعة الخزينة المنهكة من جهة، ولمنفعة المواطن والإقتصاد، اذ أن إيجابيات ما تم هو مرهون بتسعيرة نهاية الشهر الحالي، ولن يتم عكسه بالإنخفاض الحاد على الأشهر اللاحقة والتي كان وما زال المواطن ينتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر، إذ أن النفط ومشتقاته بدأ فعليا في رحلة الإستقرار التدريجي الطبيعي (للصعود) لفترة ما كان عليه قبل الجائحة، بنسبة صعود وصلت إلى 4.4 % لخام برنت.
لذا كان (الأجدر) بوزارة الطاقة تحديدا القيام بإجراءات (أكثر حكمة وواقعية) في مجال التحوط بحيث تعمل على الشراء بالعقود الآجلة أي (للفترات القادمة) ضمن جدولة زمنية يتفق عليها، وهذا من شأنه زيادة الثقة (أولا) بالحكومة من قبل المصفاة، والشركات التسويقية الثلاث العاملة بالمملكة كمستثمرين لتوزيع المشتقات النفطية، و(ثانيا) من المواطن (المستهلك المباشر) نفسه، وعكس كلفته المخفضة، وقد يؤدي إلى النظر في تثبيت سعر المشتقات النفطية لفترات أطول مما سيعزز ثقة المواطن بالإجراءات الحكومية المبنية على (إقتناص) فرص السوق، كما أن شراء النفط الخام سيقلل من العبء المالي على الصناعة وقطاعات هامة مثل: قطاع النقل وانعكاساته على القطاع السياحي وغيرهما؛ أشير إلى أن هناك العديد من الدول التي قامت بإجراءات (التحوط الفوري) لتحقيق وفرة في المخزون يقابله وفرة كانت مؤملة للإقتصاد، ولم تكن بتواضع حكومتنا الرشيدة حين عملت ما عليها فقط من باب (رفع العتب).
(عموما) لنتدارك الأمر؛ فما زال الأمل متاحا ولكن بفرص ومكتسبات أقل في هذه المرة بسبب إنتعاش أسواق النفط تدريجيا ومرحليا، نتيجة للفتح التدريجي للإقتصاد العالمي، وهذا سيكون مرهونا بحسن التصرف والتقاط الرسائل والتوجيهات الملكية؛ ولأخذ ذلك على محمل الجد لا التهاون؛ وللاستفادة من التدهور الحاد في اسعار النفط العالمية، وللتذكير فقط، فقد بلغ سعر خام برنت في تلك الفترة ما لا يزيد عن 20 دولار/ برميل ووصل سعر بيع الخام الامريكــــي إلى (-37) دولارا للبرميل، وحتى تاريخ كتابة هذا المقال وصل سعر خام برنت الى 32.5 دولار للبرميل، ووصل سعر الخام الامريكي في العقود الآجلة لشهر حزيران الى 29.65 دولارا للبرميل.
(وكخلاصة)؛ فإن فرصة التعاقد الذي تمت قد وفرت على الأقل (60%) من القيمة الحقيقية لهذه المشتقات للفترة لما قبل كورونا، كون تم الشراء في أوج إنخفاض سعر النفط والمشتقات النفطية، وبالتالي تم توفير على الأقل ما نسبته (27%) من قيمة مقدار (دعم الخبز) المطلوب للطبقات الفقيرة والبالغ (120) مليونا؛ لكنه أضاع (فوات كسب) في هذه الفرصة يساوي مقدار دعم الخبز المطلوب والبالغ (120) مليون دينار لو تم شراء احتياطي يغطي فقط 31.7% من السعة التخزينية الإجمالية للمملكة!! أو لو تم التعاون والتنسيق مع الشركات التسويقية وشركة مصفاة البترول الأردنية والتي لها الحق في ممارسة مثل هذا النشاط المتعلق بالإستيراد. وبشكل عام أقول: من المسؤول؟ ويا حكومة النهضة متى سنفكر ونتخذ قرارات وتوجهات مستقبلية تخدم الوطن وتعزز الإستثمار بإجراءات بسيطة؟ فهذا دوركم لإستشراف المستقبل من جهة، وإدارة المخاطر والتنبؤ بها وحسن إقتناص الفرص من جهة أخرى، نتوقع منكم دوما الأكثر لأن قدراتنا هي الأفضل، ومع ذلك (لا ولم) أطلب منكم التفكير ولو (مرة واحدة) خارج الصندوق!!.