نحو أردن قوي في عالم مختلف .. ولكن كيف!
السفير الدكتور موفق العجلوني
17-05-2020 12:00 PM
استوقفني ملياً دولة السيد سمير الرفاعي في مقاله المنشور في عمون الغراء بعنوان: "نحو أردن قوي في عالم مختلف " قبل أيام والمكون من حوالي ١٧٠٠ كلمة.
بداية أكن لدولة الأخ سمير الرفاعي كل تقدير واحترام والاعجاب وقد سبق لي ان التقيت بدولته في مكتبه وفي مناسبات عديدة في الأردن والخارج عدة مرات وكان بيننا حديث طيب، الا في مرة واحدة عتبت عليه عتباً شديداً، طرقت بابه ليوقف الظالم عن ظلمه في واقعة خطيرة، وكان بمقدوره ذلك ... الا انه لم يحرك ساكناً. على اية حال نأخذ الأمور ذات الصالح العام ونتناسى الأمور الشخصية ونتزك الظالم لله.
اتفق مع دولته بكل المقدمات المتعلقة بجلالة الملك حفظه الله، وهذا امر لا يختلف عليه اثنان، فقد حان الوقت ان نتوقف عن الغزل بجلالة الملك. وقمة سعادتنا، عندما يتغزل جلالة الملك بشعبة، وهذا ما لمسناه في ازمة كورونا الأخيرة وفي مئات المناسبات السابقة، وكما يقال المعرف لا يعرف فكيف بجلالة الملك حفظه الله يشهد بحكمته وشجاعته وحنكته وقيادته وبعد نظره وإنسانيته القاصي والداني في هذا العالم، فجلالة الملك ليس بحاجة الى اطراء او مديح، بل هو بحاجة ان يفتخر بشعبه وإنجازاته.
سوف استعرض بعجالة بعض القضايا الهامة التي تناولها دولته السيد الرفاعي حول الخروج من الواقع الاقتصادي المتآزم قبل كورونا واثناء كورونا وبعد كورونا، ولي راي توضيحي استفساري حول هذه القضايا.
في ضوء ان دولة السيد سمير زيد الرفاعي قامة وطنية معروفة تقلد مناصب هامة وساهم في صنع العديد من القرارات، هنالك من يتفق معه وهنالك من يختلف معه جملة وتفصيل. حقيقة أصحاب الدولة الذين نجلهم ،احياناً يتركونا بين " حانا و مانا " و لم افهم قبل مدة اجتماع خمس رؤساء وزارات معاً ، نجلهم و نحترمهم ، و لكن لا يمنع ان ننتقدهم بتجرد و مسؤولية ليس بقصد النقد و لكن لكي نعرف " وين اخذونا و لو وين رايحين "، و هم من ساهموا جميعهم بالواقع الذي يمر به الأردن حالياً ، وما ترزح نحته المديونية الأردنية و العجز المرعب و المخيف في الموازنة العامة ، حيث بدلاً من ان يوصلوا الأردن والشعب الاردني الى بر الأمان ، اوصلوه الى عنق الزجاجة و اطبقوا علينا نظرية النوافذ المكسرة : Theory of Broken Windows ، و لولا حكمة جلالة الملك حفظه الله لربما ازداد هذا العنق خنقاً ، و يطل علينا من اوصلونا الى هذا العنق بحلول و مبادرات لا تغني و لا تسمن من جوع ، و بمقالات بمئات الكلمات تمل قراتها و من طولها تنسى مضمونها ، فالمثل القائل : " خير الكلام ما قل و دل " ، فمن أوصل الاردن الى هذه الحالة ، عليه ان يعلن للملاء انه أخطآ في حق الوطن ، و بسب جائحة كورونا مناسبة طيبة و حفظ ماء الوجه : اقعد في البيت و لا صوت و لا حركة ..خلي غيرك يشتغل صح و يخرجنا من عنق الزجاجة قبل ما ننخنق ولربما كانت لديه فكرة عن نظرية اصلاح النوافذ المكسرة و تحليل سوت :
Theory of fixing Broken widows and SWOT Analysis
تتضمن استيضاحاتي واستفساراتي النقاط التالية:
• برهنت الأزمة العالمية الأخيرة؛ أنها وإن كانت مفيدة جزئياً، في بعض جوانب المعركة الصحية، لكنها قاتلة في كل الجوانب الأخرى، كيف يا صاحب الدولة؟
• لم يعد مصطلح "الاكتفاء الذاتي" حقيقياً، حتى في الدول المغلقة مثل كوبا وكوريا الشمالية، ما هو الحل؟
• مبدأ "الاعتماد على الذات ومن أجل اقتصاد عالمي ناجح، لا بدّ من مناخ سياسي معتدل ومنفتح، يتناسى كل خلافات الماضي، ويبدأ صفحات جديدة تخدم جميع أفراده، معقول هذا الحكي، والله زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ما صار!
• واليوم، لا بد من حل كل إشكالات إقليمنا وعالمنا العربي، والوصول إلى حلول وسط، واقعية، تضمن إعادة الانفتاح وحل كل الأزمات العالقة بدءاً باليمن، مرورا بسوريا ولبنان والعراق، وصولا إلى ليبيا. وعلى رأس الأولويات دائما، القضية الفلسطينية ومركزيتها.
انا متفق مع بضرورة وجود حل شامل اقليمياً وعربياً ... ولكن كيف تتم عملية حل كل إشكالات إقليمنا وعالمنا العربي، والوصول إلى حلول وسط، واقعية... ما هو الحل الوسط والواقعي برأي الاقليم والعالم العربي موش براي ... برأيهم.. وهل كان في فرصة للالتقاء بقيادات هذه الدول.. والا فقط امنيات!!!! والجواب اجبت عليه في سياق الحديث: لن يكون هنالك لا استقرار اجتماعي ولا سياسي ولا استقرار اقتصادي.
لكن حتى تكون شريكاً فاعلاً، يجب أن تكون شريكاً قوياً. وهذه القوة تأتي قبل كل شيء من مناعتك الداخلية، اجتماعيا واقتصادياً. كلام جميل، بس كيف، ما هو الطريق او الالية حتى يكون لدينا مناعة داخلية شاملة سياسياً واقتصاديا واجتماعياً.
رفع كفاءة الجهاز الحكومي وزيادة التعاون بين السلطات، وتيسير سبل التواصل مع مختلف القطاعات. وفتح قنوات كبيرة للتغذية الراجعة، وتسهيل أدوات إيصال الدعم إلى القطاعات والمؤسسات المستحقة وفق أولويات واضحة. برضه كلام جميل كيف؟. نطالب المجتمع زيادة تكاتفه مع الدولة، يكثر خير كورونا.. والا الناس عافية الدولة كلها من الفقر والبطالة وتردي الوضع الاقتصادي. وبالتالي، يعزز مناعة المجتمع عبر زيادة تكاتفه مع أجهزة الدولة، ومع مكوناته ذاتها.
بما ان الجائحة اقتصادية مثلما أنها صحية، فإن علاجها الأول بالسيولة المتحركة في أيدي العامة. "من وين السيولة بأيدي الناس “، سلامة القروض البنكية الشخصية الي مستره على الناس.
اما الطامة الكبرى فموضوع المغتربين، تطالبون الأردنيين جميعا، في الوطن وأبنائنا المغتربين، بتشجيعهم على الاستثمار وضخ أموالهم في السوق عبر إلغاء المبررات التي تجعل تجميدها أكثر أمناً أو ربحاً، ويكون ذلك عبر قوانين اقتصادية واستثمارية واضحة وثابتة، وإجراءات رسمية ميسرة، وضرائب مخففة، وطرح سندات واستثمارات حكومية متاحة للجميع وبعوائد مقبولة، وفوائد إقراض وإيداع منخفضة، ومحفزات تعيد سوق عمان المالي إلى ازدهاره، وبنى تحتية لمشاريع كبرى منتجة وحقيقية. والأهم؛ ثقة مجتمعية وبُعد عن السلبية ونشر الشائعة والإحباط.
كلام طيب ، و أفكار " جينيال " و لكن عندما كنت دولتكم رئيساً للوزراء ماذا حققتم من هذه المعجزات ... و التي هي علي سياسة ام كلثوم ...و ما نيل المطالب بالتمني ! الا تعتقدون ان كافة مؤتمرات المغتربين كانت فاشلة،، كان معظمها " شوفيني وشوفي مقفاي "، وتلميع صورة نفر من وزراء الخارجية الذين يعرفهم دولتكم جيداً!!
ونحن هنا لا نعيد اختراع العجلة، فالأردنيون على شح مواردهم هم من أنشأوا مؤسسات الوطن الكبرى، مثل الجامعة الأردنية، ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون، ومدينة الحسين الرياضية، وقناة الغور، والتطوير الحضري، أنشأوها من جيوبهم وتبرعاتهم ودعم خزينتهم ولو بفلس. هذا غزل دولة الرئيس، الغزل لحاله من بجيب أولاد، الأردنيين ولا دفعوا من جيبهم قرش، كلها من الدولة مساعدات وقروض.
بل تجاوزوا ذلك إلى دعم الدول العربية الأكبر والأغنى في وقت شدتها، بالتبرع من رواتبهم ومصروف أبنائهم، حتى قبل زمن بحبوحة تحويلات المغتربين أو تدفق المساعدات. لا علم لي بدعمنا للدول العربية مالياً باستثناء أيام تحرير الجزائر.
واليوم، لن يعجز الأردنيون، من مقيمين ومغتربين، عن أن يدعموا أنفسهم ومستقبل أبنائهم ودولتهم بالاستثمار في مشروعات كبرى يُفتح لها باب الاكتتاب العام أو ريع سندات خزينة، لإحياء منطقة وادي عربة، أو إنشاء قناة البحرين، أو مدّ سكك الحديد بين المحافظات لتنمو، ونتصل من خلالها مع كل الجوار العربي. كيف؟ يا ريت تجتمعون بالجالية الاردنية في دولك الامارات في كل من أبو ظبي والعين ودبي ... وتسمع الكلام الذي يناقض ما تفضلتم به، وهذا كلامي ليس اعتباطاً ولكن من خلال لقاء لي مع الأردنيين في دولة الامارات عندما كنت مستشاراً دبلوماسياً لجامعة العقبة والتكنولوجيا.
كيف ستكون تحويلات المغتربين اول مصدر جذب لاستثمارات عالمية، ستأتي لأي دولة تظهر هذا القدر من الإيجابية والثقة. ونحن نرى في ام اعيننا ان المستثمر الاردني يهرب الى كل من الامارات ومصر وتركيا.
تطالب بإنشاء صندوق استثماري لدعم وتحفيز الاقتصاد، وان تكون البنوك المحلية شريكا في هذا الصندوق، حتى توجه كل جهودها نحو الإقراض المباشر للأفراد والمؤسسات بدلا من تشتيته بين عدة جبهات. كما نتمنى أن يكون إنشاء وعمل هذا الصندوق سريعا، ميسرا، وخاليا من الإجراءات البيروقراطية المعقدة. (تذكرت كلام ام كلثوم: وما نيل المطالب).
والآن، يجب أن ننتقل من خطوة فتح الاقتصاد إلى خطوة إعادة تشغيله،...كيف ودعم المتعثر منه، كييف وإنقاذ من أوشك على الانهيار كييف، بسرعة وكفاءة بعيدتين عن التعقيدات المترافقة عادة مع العمل الرسمي. ما هي الالية، وهل لدينا تجارب سابقة ناجحة، وهل استفدنا من التجارب الفاشلة السابقة والتي اقترفتها الحكومات السابقة بالدرجة الأولى وزملائك أصحاب الدولة!
لذا، لا بديل عن ضخ السيولة من القطاعين العام والخاص. ...هل هناك تعاون بين القطاعين العام والخاص ...؟ كيف .... والحكومة مطالبة بخفض نفقاتها الجارية بأكبر قدر ممكن، وتوجيه كل الوفر نحو مشروعات كبرى تشغل الشركات المحلية والأيدي العاملة الأردنية، كنت رئيس وزراء شو عملت .... والله يا أبو زيد حيرتنا، " اجيناك يا أبو زيد تعين، لقينا أبو زيد بده مين يعينه “.
وبالتالي، هنالك فرصة لدولة أثبتت قوتها وكفاءة إدارتها مثل الأردن لجذب الاستثمارات. وعلى سبيل المثال، قررت اليابان سحب مصانعها من الصين، وقد تجد في الأردن بديلا مناسبا، بما يعنيه ذلك من تنمية وفرص وتكنولوجيا عالية، يمكن توطينها في بلدنا وتدريب شاباتنا وشبابنا على تقنياتها. كيف ستستبدل اليابان الأردن بالصين ...؟ هذه مجرد اضغان أحلام.
يجب أن يتفهم السوق وبالأخص قطاع البنوك ذلك، ويتعامل معه بكثير من الانفتاح وأساليب التيسير، مثل إعادة الجدولة، وتخفيض الفوائد، وإعادة شراء السلع، المباعة بالتقسيط، التي يُعسر ملاكها، وشطب بعض الفوائد والديون البسيطة، وليكن ذلك مقابل تخفيضات ضريبية وصور دعم أخرى تقدمها الحكومة للقطاع المصرفي، في سبيل إبقاء السيولة في السوق وبين أيدي الناس. على بال مين يلي بترقص في العتمة؟؟؟.
اختم حديثي وانا كمواطن أردني مثقف شوي لا افهم اطلاقاً موضوع اصدار سندات خزينة مفتوحة لكل المواطنين، واحياناً اضيع في العديد من الطروحات لكثير من المسؤولين. يا حبذا خير الكلام ما قل ودل، وان يكون لدينا خلية ازمة اقتصادية تتناول كافة القضايا الاقتصادية الشائكة ووضع الحلول الممكنة لها بكل صمت وهدوء،" وموش غلط الهمس بأذن الحكومة " دون هذا الصخب الإعلامي والمقالات واللقاءات المتلفزة عبر المحطات الفضائية، والفتاوى التي تدب الرعب والخوف والهلع في قلوب المواطنين.