ما الذي يقصده الملك بالصدام الكبير مع إسرائيل؟
فهد الخيطان
17-05-2020 12:18 AM
تصريحات الملك عبدالله الثاني لمجلة “دير شبيغل” الألمانية، جاءت في وقت تنشط فيه الجهود الدبلوماسية لكبح خطوة إسرائيلية متهورة تتمثل بنية حكومة نتنياهو البدء بإجراءات ضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن.
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كان في زيارة لإسرائيل، ودول الاتحاد الأوروبي عقدت اجتماعا لمناقشة الخطوات المحتملة من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي.
في هذه الظروف اختار الملك ممارسة نهج دبلوماسي مكثف والضغط بكل الأدوات السياسية المتاحة لردع المخطط الإسرائيلي، والتذكير بثوابت الحل العادل.
ليس تهديدا كما قال جلالته، بل ترسيم للوقائع والخيارات. عملية السلام قامت على ثوابت أساسية أجمع العالم عليها، واستندت لقرارات الشرعية الدولية وبيانات القمة العربية، لخصها شعار حل الدولتين، وانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها طبعا القدس الشريف.
الأردن لا يخطط للانسحاب من معاهدة وادي عربة، وقرار المحكمة الدستورية الأخير أقوى دليل على التزام الأردن بالمعاهدات والاتفاقيات الموقعة مع الدول الأخرى. لكن إصرار حكومة الاحتلال على تجاهل شروط السلام العادل، والمضي في سياسة ضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن، وتشريع الاستيطان خلافا للقرارات الدولية، وعدم الالتزام بمنطق حل الدولتين، يعني وبشكل تلقائي، أن شروط السلام العربي الإسرائيلي، تتداعى من تلقاء نفسها.
إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، يعني العودة إلى حالة الحرب، ولا يوجد شخص يعتقد بإمكانية تحمل الأردن لكلفة هذا الخيار، خاصة في ظل الوضع العربي الذي لا يخفى على أحد.
وجلالة الملك في تصريحاته عن “الصدام الكبير” يؤطر وضعا قائما ومرشحا للتصاعد في العلاقات الثنائية “المجمدة” مع إسرائيل منذ فترة، ومن الطبيعي أن يعبر عن حالة الصدام هذه مستقبلا وبعدة أشكال في حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ مخططات الضم.
الأردن متمسك بالسلام العادل، ويرفض خطط الضم لأنها تقوض أسس السلام العادل، وتشكل تهديدا للمصالح الوطنية العليا، وسيتخذ الخطوات الواجبة للدفاع عن هذه المصالح، ولديه مروحة واسعة من الخيارات التي تخضع حاليا للدراسة، مثلما أشار جلالته.
بمعنى؛ عملية السلام لا تعود قائمة، والمعاهدات الموقعة بلا قيمة واقعية أو سياسية، حتى وإن احتفظت بطابعها القانوني، والسلام الذي تطمح إليه إسرائيل مع الدول العربية والخليجية غير ممكن إطلاقا. وسيكون لهذه التطورات تداعيات على كل أشكال التعاون الإقليمي التي تطمح واشنطن لإرسائها في المنطقة.
هذه الأسابيع ستشهد نشاطا دبلوماسيا مكثفا، انخرط الأردن فيه بوقت مبكر. والملك يقود الجهود الأردنية الاستباقية لحشد المجتمع الدولي ضد الخطوات الإسرائيلية الكارثية. العمل سيكون منصبا على إقناع الإدارة الأميركية بخطورة هذه الإجراءات، ودعم المواقف الأوروبية المساندة للحق العربي. ويتعين على الدولة العربية والإسلامية الانخراط في هذه المعركة، وممارسة أقصى ضغط دولي ممكن لكسر الاندفاعة الصهيونية في فلسطين.
لا يمكن للأردن وحده أن يتصدى للتغول الإسرائيلي المسنود أميركيا، وربما تقتضي الحاجة التفكير بقمة عربية طارئة،”عن بعد” لإعادة التأكيد على ثوابت الأمة العربية تجاه القضية الفلسطينية، لأن هناك في الجانب الآخر من يراهن على اختراقات في العمق العربي.
الغد