ملف الضفة الغربية أمام الأردن من جديد
ماهر ابو طير
16-05-2020 01:08 AM
تهدد إسرائيل المصالح الأردنية في العمق، وحين تسأل مسؤولين على رفعة في المستوى، عما سيفعلون لوقف التهديدات الإسرائيلية تأتيك أجوبة مختلفة؟.
في ظلال هذه الإجابات وفقا لمنطوق الرسميين كلام عن العلاقات الأردنية الأميركية، وحماية واشنطن لتل أبيب، وتحكّم واشنطن في أوراق عدة تضغط على الأردن، وتحديدا الملف الاقتصادي، واستقرار الدولة وفقا لحسابات الإقليم الذي تتقلب دوله يمينا ويسارا.
بعضهم يقول إن رفع سقف التحدي ضد إسرائيل سيمنع الأردن من التأثير في ملفات مثل القدس والمسجد الأقصى، وسيؤدي إلى عدم تجاوب أوروبا مع الأردن، الذي مفتاحه العقلانية والدبلوماسية في إدارة سياسته الخارجية مع الغرب تحديدا.
لست أعرف كيف سيواصل الأردن ذات حملته السياسية عبر الاتصالات مع الأوروبيين وغيرهم، وهو يدرك مسبقا، ان إسرائيل لن تأبه للضغوطات، ولو كانت ستأبه لردود الفعل لما اتخذت إجراءات أسوأ في ملف القدس، وهو أكثر حساسية وخطورة؟.
نتائج ضم مناطق في الضفة الغربية، سيؤدي إلى انتهاء مشروع الدولة الفلسطينية، وانهيار السلطة الوطنية، وإلغاء حق العودة، وتوطين اللاجئين والنازحين، وتصنيع مشكلة سكان بحاجة إلى إدارة بديلة، وعلى الأغلب سيتم السعي من جانب الاحتلال لترحيل المشكلة إلى الأردن، الذي يعاني وتحت ضغوطات كبيرة حاليا.
كل هذا يضرب على عصب الأردن الذي سيجد نفسه أمام حدود أردنية إسرائيلية، بدلا من حدود أردنية فلسطينية، إضافة إلى حسابات أمنية مختلفة، تتعلق بكل وضع الضفة الغربية، والحاجة الى الأردن، شرقا، لاعتبارات كثيرة، فوق السيناريوهات التي تتحدث عن سيناريوهات التهجير، والتجفيف الاقتصادي في الضفة الغربية، ودفع الناس نحو الأردن.
التوقعات الاردنية هنا مفتوحة، وهي توقعات ألمح إليها الملك في مقابلته مع مجلة دير شبيغل الألمانية حين قال إنه إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية فسوف سنشهد مزيداً من الفوضى والتطرف في المنطقة، وأنه إذا ما ضمّت إسرائيل أجزاءً من الضفة الغربية فسيؤدي ذلك إلى صِدام كبير مع الأردن، مضيفا انه لا يريد أن يطلق التهديدات أو أن يهيئ جواً للخلافات وان الاردن سيدرس جميع الخيارات إذا جرى الضم.
هناك تلميحات في التصريحات خطيرة، يقولها الملك لأول مرة، خصوصا، الكلام عن الصدام، ثم خيارات محتملة في حال تم الضم، وعلى الأغلب فإن تعقيدات العلاقة الأردنية الإسرائيلية تفتح الباب للتساؤلات حول هذه الخيارات، التي لم يتبق منها، أصلا، إلا إلغاء معاهدة وادي عربة، وهو أمر يستبعد مراقبون الوصول اليه، لاعتبارات على صلة بالعلاقة الأردنية الأميركية، من جهة، وكلفة الإلغاء السياسية والأمنية والاقتصادية، فيما الجانب الفلسطيني ذاته يتلاعب بالوقت، ولا يلغي اتفاقية أوسلو، ليحرج بقية الأطراف، كما ان سحب السفير الأردني من إسرائيل خيار تم تجريبه سابقا، وتجميد التعاون الاقتصادي، أمر رفضته عمان الرسمية على مدى عقود، فلا يتبقى الا التنسيق اللوجستي والمعلوماتي، ليتوقف.
نقطة الضعف الأخطر، تتعلق بالدور الذي تقوم به سلطة رام الله، فلماذا يصعد الأردن ضد إسرائيل حماية لنفسه من تداعيات الضم، فيما كل تصريحات الرئاسة الفلسطينية، وكل الإجراءات، أقل بكثير مما هو مفترض، وقد يسأل سائل، كيف تريد أن يصعد الأردن ضد إسرائيل أكثر، فيما أصحاب الملف مباشرة، يقسطون ردود فعلهم، ولا يتخذون خطوات من نوع آخر مثل إلغاء اتفاقية أوسلو، أو حل السلطة الوطنية؟، والسؤال ذكي، ويتصيد في مساحات الفراغ في التنسيق السياسي الأردني الفلسطيني، الذي من المفترض ان يكون سقفه الأعلى في رام الله، التي على الأغلب ستبتلع السم وهي تتبسم.
يقف الأردن وحيدا، ومرهقا، في ظل سقف محدود وهزيل لردود الفعل صاغته رام الله الرسمية، وتعقيدات الوضع الإقليمي والدولي، وطبيعة الأزمات التي تحيط بالأردن، وهو سقف بات واضحا أن رام الله لن تتجاوزه، أبدا، التزاما بدورها الوظيفي على ما يبدو.
لقد قيل مرارا إن اتفاقيات أوسلو ووادي عربة مجرد فخين، واليوم يحاول الأردن ان يوقف مخطط الضم، إدراكا منه لبقية المخطط بعد الضم، وتأثيره على الأردن، ليبقى السؤال عن التنسيق الأردني الفلسطيني، وسقف الفلسطينيين، في رد الفعل، الذي للمفارقة يصير سقفا لغيرهم، ما دامت سلطة رام الله، لا تريد التصعيد إلا بالكلام، دون إجراءات فعلية؟.(الغد)