بومبيو في المنطقة؟ الجزء 2
المحامي مازن الحديد
15-05-2020 05:14 PM
السبب الحقيقي وراء دفع الإدارة الامريكية بالطلب من رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو التمهل بإجراءات ضم بعض من الاراضي الفلسطينية المحتلة) غور الأردن وشمال البحر الميت ( متصل بأن شريكه في حكومة الوحدة الإسرائيلية الجديدة غانتس و وزير الخارجية الجديد اشكينازي قد قاما بالضغط المكثف في الأيام الأخيرة لضمان تأجيل الضوء الأخضر الأمريكي وذلك لأعتبارات امنية بحتة، ولأنالإدارة الامريكية لا يمكنها بحال من الأحوال تجاهل تقييمات امنية صادرة عن جنرالات عسكرية سابقة وشركاء بحكومة الوحدة الإسرائيلية فتم استبدال وعلى عجالة الضوء الأخضر الأمريكي بضوء برتقالي يرمز بالتمهل المؤقت بحيث لا يمكن لبومبيو وترامب ان يكونا يهوديان أكثر من اليهود.
كما هو معلوم فان اعتبارات الرئيس ترامب ومبادئه السياسية لا تستند على العقائد بل على المصالح (خلافاً لنائبه بنس صاحب المبادئ العقائدية الانجليكانية)،وتتمركز في هذه المرحلة من حياته السياسية حول تحقيق الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة والتجديد له بدورة رئاسية اخرى،وسيتطلب ذلك السعي المتواصل لكسب دعم ابناء الديانة اليهودية والطائفة الانجليكانية المؤثرتان سياسيا،وحتى يضمن ذلك فمن المهم ان يتجنب مسائل وقضايا من شأنها ان تؤدي الى انشقاقات سياسية في إسرائيل او ان يضطر الى الاصطفاف مع جانب ضد اخر.
وبالرغم من قناعة فريقه السياسي ان أمن إسرائيل المستدام يتحقق بتنفيذ صفقة القرن المشؤومة، وان إجراءات ضم الأراضي في الغور وشمال البحر الميت والبؤر الاستيطانية الكبرى لإسرائيل هي جزء أساسي من هذه الصفقة الأمريكية الا ان لن يتسنى له دعم مساعي نتينياهو الرامية بضم هذه الأراضي وبشكل أحادي الجانب في هذا الوقت طالما ان هنالك أصوات مؤثرة داخل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ترفض هذا الضم لتوقيته وبموجب مسوغات امنية، وخاصة ان مجموعة تضم حوالي 220 من كبار الضباط المتقاعدين في إسرائيل يمثلون الجيش والموساد والشاباك والشرطة قد شنوا حملة منظمة وإعلامية ناجحة في داخل إسرائيل وفي الولايات المتحدة ايضاً تهدف بالحث على رفض الضم الإسرائيلي بشكل احادي.
ما حصل مؤخرا من شأنه ان يعطي العرب والفلسطينيين مهلة للتفكير بكيفية العمل والحشد ورفع درجات الضغط المضاد المشترك، فالجانب الإسرائيلي عاقد العزم على الضم، والدعم الأمريكي للمضي قدماً بإجراءات الضم حقيقي وان كان مؤجلاً، ومن الممكن تدارك الغياب العربي مؤخرا، والذي قد يكون بذريعة الانشغال بوباء الكورونا وتداعياته الاقتصادية،لاسيما ان بالنسبة لبعض الدول العربية القضية الفلسطينية هي عبارة عن قضية رأي عام فقط، وبالتالي انشغال الرأي العام المحلي حالياً عن القضية يعني انها اقل أهمية لبعض الحكومات العربية، فالسياسة الخارجية المتعلقة بالقضية الفلسطينية لدى البعض هي امتداد لسياساتهم الداخلية وجزء منها.
اما فيما يخص الإشارة الى حل الدولة الواحدة كفزاعة لتخويف الرأي العام الإسرائيلي كخيار بديل حتمي نتيجة نهايةالآمال المعقودة بإمكانية تحقق حل الدولتين فهو مستهلك ومنتهي الصلاحية، وذلك لان الجانب الإسرائيلي والداعمين لهم في الولايات المتحدة عند اعدادهم لنصوص وخرائط المقترح الأمريكي المتمثل بصفقة القرن المشؤومة هدفوا من خلالهابالقضاء على حل الدولة الواحدة وحل الدولتين معاً بضربة واحدة، فمن اهداف الصفقة ضم الأراضي بدون السكان وترك السكان تحت سلطة اقل من دولة، ولذلك فان التجمعات السكانية الفلسطينية الكبرى في الاراضي المحتلة هي خارج نطاق المناطق المنوي ضمها من قبل اسرائيل،ومثال ذلك اراضي غور الأردن وشمال البحر الميت التي تمثل لوحدها حوالي 22% من المساحة الكلية للضفة الغربية الا انها بدون ثقل سكاني نسبي يضاهي ذلك.
وبالتالي من شأن اقناع الجانب الإسرائيلي بحتمية حل الدولة الواحدة ان يعجل ويوسع من الدعم الإسرائيلي في تنفيذ بنود صفقة القرن بشكل كامل كمخرج من هذا المأزق، وان يحشد اغلب الاتجاهات السياسية في إسرائيل خلف ذلك مما سيشكل خدمة مجانية لليمين الإسرائيلي وعرابه نتينياهو، فإسرائيل تاريخيا تصنع الخوف لكي تنمو.