الحبس ينتهي أما الذل فلا ينتهي
يوسف عبدالله محمود
14-05-2020 07:34 PM
وردت هذه العبارة في رواية "شرق المتوسط" للروائي الكبير عبد الرحمن منيف وهو كاتب وروائي توفي عام 2004.
أعجبتني روايته "شرق المتوسط" التي تصور القمع والتعذيب في سجون عربية.
بطل الرواية "رجب" الذي بدأ مسيرة حياته واقفاً بشموخ في وجه الظلم والقمع. وقد أدى به هذا الى ان يقبع في احد السجون ليمارس عليه تعذيب لا يطاق، ادى به التعذيب الى السقوط والتوقيع على وثيقة تلزمه بالتخلي عن نشاطه السياسي.
كانت امه قبل وفاتها تشجعه على الصمود وتقول له "لو اعترفت فكلهم سيقولون: خائن، ولا تستطيع ان تنظر في وجه احد". (الرواية ص 26)
بعد الافراج عنه يشعر رجب بندم شديد لأنه استسلم واعترف. تذكر كلمات امه. وحتى يهرب من واقعه يسافر الى فرنسا حيث الحرية والديمقراطية. فضاء لم يعهده رجب. في فرنسا تنفس الصعداء.
لكنه في الغربة لم يفارقه الشعور بالهوان، لأنه وقّع على وثيقة الافراج عنه مقابل الالتزام بالتخلي عن نشاطه السياسي. تذكر كلمات امه المناضلة وهي تقول له: "يا رجب الحبس ينتهي اما الذل فلا ينتهي".
وهنا نراه يحزم امره ويقرر العودة الى بلده. وما ان يعود حتى يُقبض عليه من جديد بدعوى انه مارس نشاطاً سياسياً معادياً لبلده في فرنسا!
يقبع رجب من جديد في السجن، ولكنه هذه المرة يرفض الكلام والخضوع. كلام امه يرنّ في أذنيه.
وحين ساءت حالته الصحية واصبح قاب قوسين من الموت يطلق سراحه. وهنا يشعر بالراحة لأنه لم يرضخ للسجّان.
ويرحل رجب عن دنياه مستريح الضمير، لم يؤنبه ضميره كما أنّبه في المرة الأولى.
رواية عبد الرحمن منيف تفوّقت بطابعها الدرامي ومفرداتها المعبرة. عبرت بصدق عن التعذيب في بعض السجون العربية الذي ينتهك كبرياء المناضلين فإما الصمود حتى الموت وإما السقوط.
ترى متى ينتهي عذاب السجون العربية! متى يُفرج عن "الحرية"؟