النباتات الطبية تزدهر حيثما كان هناك تنوع بيولوجي ثري
14-05-2020 07:16 PM
عمون - منذ عصور ما قبل التاريخ، كانت النباتات الطبية موردا مهما لمكافحة الأمراض والعدوى. ويعد العثور على أعشاب جديدة ذات آثار صحية وقائية من أكبر التحديات التي تواجه تطوير الأدوية الطبيعية.
في دراسة جديدة طور باحثون ألمان طريقة فعالة للبحث عن النباتات الطبية بربط وجودها في منطقة معينة بثراء التنوع البيولوجي فيها.
وبحسب الدراسة التي قادها باحثون من المركز الألماني لأبحاث التنوع البيولوجي المتكامل، ونشرت في دورية "بروسيدنغ أوف ناشونال أكاديمي أوف ساينس" في 11 مايو/أيار الجاري، فإنه يمكن للخبراء من الآن فصاعدا التنبؤ بوجود مجموعات النباتات التي يحتمل أن تحتوي على عدد كبير من الأنواع ذات المركبات الطبية.
ويكون ذلك باستخدام تحليل بيانات مختلفة حول العلاقات الجينية للنباتات الطبية المعروفة وتوزيعها المكاني والمركبات العضوية التي تحتويها، وتساعد هذه الطريقة، كما يقولون، على تضييق البحث عن طريق تحديد مكان مجموعات النباتات هذه.
ثروات غير مكتشفة
من المعروف أن البشر يعتمدون في مكافحة الأمراض بشكل خاص على الأدوية من المصادر الطبيعية، لأن مسببات الأمراض تتطور باستمرار وتنتج سلالات جديدة.
وتقدر نسبة المضادات الحيوية المستخدمة اليوم التي تم الحصول عليها في الأصل من المركبات الطبيعية الموجودة في النباتات والفطريات والبكتيريا والكائنات البحرية بأكثر من 70%.
ويعتقد الباحثون أنه لا يزال هناك عدد هائل من المواد المضادة للعدوى لم تكتشف في الطبيعة. إضافة إلى أنه لم يتم إلى حد اليوم فحص سوى 10% فقط من جميع النباتات الوعائية (تحتوي على أوعية لنقل السوائل داخلها) بهدف البحث عن المركبات الطبية التي يمكن أن تحتويها.
علاوة على ذلك، يواجه الباحثون صعوبات في تحديد النباتات المكتشفة سابقا بسبب عدم توثيق النباتات التي جرى تحديدها كمصادر للمركبات النشطة بشكل ثابت، فكثيرا ما يطلق على النباتات ومستقلباتها أسماء تختلف من منطقة إلى أخرى.
في الدراسة الحالية، اتخذ الخبراء خطوة أولى مهمة في جمع وتوحيد المعرفة الحالية للنباتات الطبية، فجمعوا معلومات عن المستقلبات الثانوية المعروفة، وعلاقات التطور الوراثي، وتوزيع النباتات في جزيرة جاوا الإندونيسية.
وسجلوا في قواعد البيانات هذه مواد لحوالي 7500 نوع من أنواع نباتات البذور، تحتوي على أكثر من 16500 مستقلبا. وبناء على البيانات المسجلة، تم تحديد ما يقرب من 2900 من هذه المستقلبات كمواد مقاومة للعدوى.
عائلات نباتية
وصل الباحثون إلى أن إنتاج هذه المركبات النشطة يجري بواسطة 1600 من الأنواع النباتية من بين 7500 جرى فحصها في الدراسة. وهذا يعني، حسب الباحثين، أن أنواع النباتات المختلفة لا تنتج المركبات النشطة بالطريقة نفسها.
بدلا من ذلك، هناك تركيز للأنواع التي تنتج مركبات نشطة في عائلات نباتية معينة، حيث ترتبط هذه الأنواع عادة ارتباطا وثيقا، كما يقول البروفيسور ألكسندرا مولنر ريل، المؤلف المشارك في الدراسة. وهذا يعني أنه كلما كان هناك تنوع بيولوجي، يكون احتمال العثور على نباتات منتجة لمركبات علاجية أعلى.
لتحديد مجموعات النباتات الغنية بالمركبات النشطة، جمع العلماء البيانات الجينية والمعلومات الأيضية. وهو ما مكنهم من تحديد أنواع النباتات المعروفة بإنتاج معظم المواد المضادة للعدوى.
يقول الدكتور جان شنتزلر المؤلف المشارك "إن هذه المعلومات تسمح لنا بتحديد مجموعات نباتية معينة لم تفحص بعد، لكن من المحتمل جدا أن تحتوي على مواد مضادة للأمراض"، ويذكر الباحثون أنه بالإمكان استخدام هذه الطريقة كذلك في تحديد المناطق الواعدة والغنية بالمركبات النشطة بيولوجيا.
وتتوقع الدراسة على سبيل المثال أن تحتوي المناطق الجبلية من جزيرة جاوا التي تحتوي على أعلى تنوع للأنواع النباتية، على كثافة أكبر للنباتات ذات المركبات المضادة للعدوى.
لذلك، من المرجح أن ينجح البحث عن عقاقير جديدة في المناطق الغنية بالأنواع منه في المناطق منخفضة التنوع البيولوجي والأراضي الزراعية المنخفضة في وسط وغرب الجزيرة.
ووفقا لمؤلفي الدراسة، فإنه يمكن بسهولة نقل الطريقة الجديدة للبحث عن المركبات الطبية إلى مناطق جغرافية أخرى من العالم.