رئيس الوزراء القطاعات التجارية تُناديك اسمع منهم قبل ان تسمع عنهم
احمد عبدالفتاح ابو هزيم
13-05-2020 05:53 PM
عانت القطاعات التجارية الامرين خلال السنوات السابقة بفعل الاوضاع السائدة في الدول المحيطة وإنعكاسها اقتصادياً على الداخل يضاف لها العقلية البيروقراطية للحكومات المتعاقبة في فرض القوانين الناظمة وتعديلاتها كقانون ضريبة الدخل والمبيعات وقانون الجمارك وقوانين رخص المهن والضمان الاجتماعي والمواصفات والمقاييس والعمل....الخ مما ساهم في ارتفاع الكلف التشغيلية على كافة القطاعات وقلل من معدل دوران رأس المال وبالتالي إنخفاض في صافي الربح إن وجد .
القطاع التجاري يؤثر ويتأثر سلباً وايجاباً بالظروف السياسية الداخلية والخارجية للدولة وهو باروميتر صادق لقياس عوامل النجاح والاخفاق لتلك السياسات وايضاً حركة الاسواق صعوداً ونزولاً هي ترجمة حقيقية لمدى نجاعة منظومة التشريعات الناظمة للشأن الاقتصادي وعليه يجب ان يكون القطاع التجاري عبر ممثليه شريك اصيل في الاعداد والاخراج لاي قانون او نظام او تعليمات تعنى به . واعتبار الاجراءات البروتوكولية السابقة المبنية على المشاورات الشكلية جزء من الماضي.
ازمة كورونا داهمت جميع دول العالم على حين غرة. وبدون استئذان دخل هذا الفايروس الحمى ودك الحصون ولم يفرق بين دولة قوية وضعيفة،ودولة غنية وفقيرة، ودولة متقدمة ونامية، عامل الجميع بعدالة بل على العكس تماماً زادها (حبتين) على الدول القوية والغنية والمتقدمة. عنصر المفاجئة والشراسة لهذا الضيف الثقيل واللئيم ارخى بضلاله على كل مناحي الحياة. واربك الخطط الدفاعية والاحترازية لكل دولة وتركهم بين خيارين لا ثالث لهما .
الاول يعتمد سياسة مناعة القطيع لتبقى عجلة الاقتصاد تدور ، والثاني يعتمد حياة الفرد بغض النظر عن الاثار الاقتصادية المترتبة على هذا الخيار ، وبالطبع الاردن كان مع الخيار الثاني . وبالتاكيد هناك عدد من الدول لا يعنيها اي من الخيارين وقد لا تعلم بوجود الفايروس اصلاً وهي الدول التي تشهد نزاعات داخلية او معزولة دولياً.
الدول التي تبنت سياسة مناعة القطيع اغلبها دول قوية اقتصادياً ، وقادرة على التعويض ، اما دول الخيار الثاني فأعتقد ان اختيارها لهذا النهج جاء لسببين الاول إنساني بداعي تغليب حياة المواطن والثاني اجباري كونها اصلاً تعاني من ضائقة إقتصادية على مبدأ الغريق لا يخشى البلل، وسياسة مناعة القطيع لا تناسبها لإرتفاع كلفها صحياً واجتماعياً وسياسياً .
تبنت الحكومة الاردنية كما قلنا سابقاً خيار المحافظة على حياة الفرد على الطريقة الصينية التي من خلالها يمكن ايقاف انتشار الفايروس عبر سياسة الاحتواء ولكن بتكلفة اقتصادية كبيرة مع فارق المقارنة بين قدرة الاقتصادين على الصمود والتعافي وإعادة الانطلاق والذي يميل بطبيعة الحال وبشكل هائل للجانب الصيني.
نعم الجميع ( حكومة ومواطنين وقطاعات تجارية ) دفعوا الثمن وقد تكون القطاعات التجارية اكبر المتضررين لأن بعضها اصابه الشلل التام والبعض الاخر تضرر بنسب متفاوتة وذلك كنتيجة حتمية للاجراءات الصارمة التي فُرضت في بداية الازمة، سواء بالحظر او الاغلاقات ومشاكل التصاريح وغيرها من إجراءات احترازية. صاحبه تغير في النمط الاستهلاكي للعائلة الاردنية وتسلسل الاولويات حسب الاهمية على إعتبار ان امد الجائحة قد يطول . كل هذه المعطيات فرضت واقعا جديدا على كل منشأة تجارية وهو كيفية مواجهة الديون المتراكمة عليها من ايجارات واجور عاملين وسداد قروض والتزامات مالية للغير بالاضافة لحالة الركود نتيجة الاجراءات الصحية الوقائية.
القطاعات التجاربة المختلفة تضم في جنباتها اكثر من 460 الف عامل وتزود الخزينة باكثر من اربع مليارات دينار في العام . ويتطلب من الحكومة في هذه المرحلة العمل على إزالة كل المعيقات التي تواجه عودتها للوضع الطبيعي . ولا بد لها من اخذ جملة من القرارات يستطيع دولة رئيس الوزراء بموجب الصلاحيات المعطاة له شخصياً بموجب قانون الدفاع رقم 13 لعام 1992 اصدار امر دفاع يشتمل على ما يلي :
اولاً. وقف العمل بقوانين رخص المهن الخاصة بامانة عمان والبلديات .وإعفاء القطاعات كافة من رسوم رخص المهن لعام 2020 بشكل كامل او بنسبة لا تقل عن 50% .
ثانياً . وقف إشتراكات الضمان الاجتماعي حتى نهاية العام 2020 للمنشأة وللافراد المنتسبين .
ثالثاً . وقف إستيفاء 2% بدل ضريبة على البضائع القادمة والتي تستوفى على البيان الجمركي حتى نهاية العام 2020.
رابعاً . وقف العمل ببدل الخدمات الجمركية على البضائع المستوردة والمعفاة بما نسبته 5% .
خامساً . مضاعفة المبالغ المرصودة من البنك المركزي لغاية إقراض القطاعات التجارية والصناعية بدون فائدة بنكية على المنشأة او اصحابها وتخفيف قيود الحصول على القروض ليشمل كافة غايات ديمومة العمل واستمرارية الانتاج .
سادساً . إعفاء القطاعات التجارية من اية رسوم تراخيص مستحقة عليها عن العام 2020 لجميع الدوائر ذات الصلة بعمل كل قطاع واعتبار ترخيص 2019 ساري المفعول . وكذلك الاعفاء من الغرامات السابقه في حال سداد اصل المبلغ .
سابعاً . حل مشكلة التصاريح العالقة لجميع المنشأت باعتماد السجل التجاري لأصحابها وإنشاء قسم متابعة لباقي العاملين في كل محافظة بدل المنصة.
ثامناً . الغاء اعتماد مبلغ 350 دينار كحد اعلى لدخل الاسرة لغايات تعويض عمال المياومة غير المشتركين بالضمان الاجتماعي ورفعه الى 750 دينار كحد ادنى حتى يشمل اكبر عدد ممكن من اصحاب المؤسسات الصغيرة وكذالك اعتماد دخل الفرد بدلاً من الاسرة كما هو معمول به في معظم دول العالم .
تاسعاً . اعفاء كافة المنشآت التجارية المستأجرة مكاتبها ومحلاتها من الوزارات والدوائر الرسمية والبلديات والدوائر العامه والشركات الحكومية من الاجرة كاملة او جزء منها من بداية التعطل ولغاية 31/12/2020 .
ان اتخاذ مثل هذه القرارات من الجانب الرسمي من شأنها مساعدة القطاعات في إعادة توازنها كما إن النظر بجدية الى اي اقتراحات ترد من الجهات الممثلة لهم على قاعدة الشراكة في اتخاذ القرارات وصنعها مهم جداً في تقدم ورفعة الاقتصاد الوطني وتعافيه باذن الله .
حمى الله الوطن والمواطن والانسانية جمعاء من شر هذا الوباء