الكشف عن الآلية الجزيئية للإنذار لدى النبات
11-05-2020 08:38 PM
عمون - اكتشف العلماء كيفية عمل نظام "الإنذار المبكر" لدى بعض النباتات الذي يمكنها من رصد إشارات الخطر الداهم ورد الفعل تجاهه. ويتوقع الباحثون أن يفتح هذا الاكتشاف الأبواب أمام عدد لا يحصى من التطبيقات في مجال الزراعة.
تمتلك النباتات أنظمة "إنذار" طبيعية يتم تشغيلها استجابة لتهديد معين، مثل الحشرات التي تتغذى عليها. إذ تستشعر بعض النباتات مثلا إشارات الخطر الصادرة عن الكائنات التي تتغذى على النباتات، وذلك بسبب مواد كيميائية معينة تفرزها الحشرات عن طريق الفم.
ينتج عن ذلك تنشيط سلسلة من التفاعلات في آلية الدفاع لدى النبتة، مما يؤدي إلى تطويرها لمقاومة أو "مناعة" ضد المفترس. ورغم عقود من البحث، فإن كيفية رصد النباتات لإشارات الخطر ظلت غامضة إلى اليوم.
كيف تعمل؟
في الدراسة الجديدة المنشورة بدورية "كومينيكيشنز بيولوجي" في الثامن من مايو/أيار الجاري، قام فريق بحث من أكاديميات يابانية بقيادة البروفيسور جن-إيتشيرو أريمورا من جامعة طوكيو للعلوم بإلقاء الضوء على كيفية عمل أنظمة "الإنذار" التي تعتمد على رصد إشارات الخطر الصادرة عن الحشرات لدى النباتات.
وقام الباحثون بدراسة بروتينات الغشاء المسماة "كينازات شبيهة المستقبلات" (receptor-like kinases) التي توجد في أوراق فول الصويا، وتلعب دورا في مجموعة واسعة من العمليات بما فيها مقاومة الأمراض.
واستندوا في دراستهم إلى أدلة سابقة من نباتات مثل "رشاد الصخر" والتبغ واللوبيا، حيث تلعب هذه البروتينات دورا رئيسيا في أنظمة "الإنذار" تلك.
يقول الأستاذ أريمورا "لقد ظل العلماء يحاولون فهم الآلية الجزيئية لمقاومة النبات لسنوات، ولكن أجهزة الاستشعار المشاركة في التعرف على النباتات للآفات الحشرية لا تزال غير معروفة. وبالتالي، أردنا الحصول على فهم مفصل لهذه الآليات".
في البداية، ركز العلماء على جينات فول الصويا المشابهة من الناحية الهيكلية والوظيفية لجين "كيناز شبيه المستقبلات" والذي يُعرف أنه يطلق عملية الاستجابة للخطر داخل النبتة من خلال التعرف على "السكريات قليلة التعدد" (جزيئات الكربوهيدرات الصغيرة) أثناء هجوم المعتدي.
وتكهن العلماء بأنه بسبب هذه التشابهات، قد تظهر جينات فول الصويا أيضا آلية مشابهة لتلك التي شوهدت في مقاومة مسببات الأمراض.
وقاموا بتحديد 15 من هذه الجينات في فول الصويا من خلال التحليل الجيني. ثم أنتجوا 15 نوعا من نبات "رشاد الصخر" كل واحد منها يعبر بشكل فريد عن جين واحد فقط من جينات الصويا الـ 15.
وعندما اختبر الباحثون هذه النباتات باستخدام إفرازات فموية لبعض الحشرات، اكتشفوا جينات جديدة أظهرت استجابة دفاعية محددة لهذه الافرازات، تسمى "GmHAK1" و"GmHAK2".
تطبيقات واعدة
يقول العلماء إن النتائج التي توصلوا إليها غير مسبوقة، إذ لم يتم الكشف عن دور هذه الجينات بأنظمة "الإنذار" لفول الصويا من قبل. علاوة على ذلك، عندما تعمق الباحثون في آلية الاستجابة للخطر لدى نبات "رشاد الصخر" وجدوا بروتينين يلعبان دورا في الإشارات داخل الخلايا، يشاركان بدورهما في هذه الآلية.
وبناء على ذلك، توصل العلماء إلى تأكيد ما توقعوه منذ البداية من أن فول الصويا و"رشاد الصخر" يمتلكان آليات مشابهة للاستجابة للخطر.
ويؤكد الباحثون أن لنتائج هذه الدراسة تطبيقات واسعة في مجال الزراعة، حيث من الأهمية بمكان وضع إستراتيجيات لمكافحة الآفات في نباتات المحاصيل من أجل تجنب تكبد خسائر.
فهي تمثل خطوة هائلة بهذا الاتجاه من خلال الكشف عن آلية خلوية مهمة تؤدي إلى استجابة دفاعية بالنباتات. وقد يساعد تطوير نظام "الإنذار" الخلوي الفطري لدى النباتات العلماء على إنتاج منتجات زراعية جديدة مقاومة للأمراض والآفات.
ويخلص البروفيسور أريمورا إلى أنه "كان من الصعب إيجاد طرق جديدة لمكافحة الآفات فعالة ولا تضر النظام البيئي بأي شكل من الأشكال. وتقدم دراستنا حلا محتملا لهذه المشكلة من خلال الكشف عن تفاصيل كيفية تطوير بعض النباتات للمقاومة".