لغز محير يلف فيروس كورونا ويحير العلماء
11-05-2020 05:49 PM
عمون - تتسابق أفضل الأدمغة في علم الفيروسات من أجل الكشف عن لغز محير يلف كورونا المستجد وبالتحديد كيفية قفز الفيروس القاتل من حيوانات برية في أرياف الصين إلى أكبر المراكز السكانية حول العالم، وكذلك أي سلسلة من الطفرات الجينية التي أنتجت عاملا ممرضا ملائما لانتشار خفي وواسع.
إن فك رموز قصة نشأة فيروس سارس-كوف-2، يعد خطوة حاسمة نحو السيطرة على الجائحة العالمية التي حصدت أرواح أكثر من 282 ألف شخص حول العالم وسببت انهيارا اقتصاديا ضخما قد لا يتعافى منه كثيرون، بينما لا يزال اللقاح المنقذ بعيد المنال رغم السباق الكبير بين مختلف الدول وشركات الأدوية.
وفي مسعى لتقليص مخاطر تفشي أمراض ثانوية قاتلة أو ظهور سلالة جديدة تماما، يحتاج مطاردو الأمراض وفق مقال لـشبكة بلومبرغ، إلى تعقب رحلة العدو الخفي حول العالم، أي العودة إلى الصين حيث بدأ الكابوس في وقت ما من عام 2019.
وسعت منظمة الصحة العالمية قبل أسبوع إلى الحصول على إذن من بكين لإرسال بعثة علمية جديدة من أجل إجراء المزيد من أعمال التحري الوبائي، لكن الصين، التي سمحت لفريق من المنظمة بدخول أراضيها في أوائل فبراير، لم توافق بعد على الطلب الأخير.
ومع تصاعد عدد الوفيات وتفاقم البطالة في شتى بقاع العالم، يزداد الضغط على بكين، وفق بلومبرغ، للسماح للباحثين الدوليين بالعودة لإجراء مقابلات مع ناجين، والقيام بعمل ميداني، وفحص عينات الفيروس التي كانت السلطات الصينية شحيحة في مشاركتها كما تقول الولايات المتحدة.
وبعد حوالي نصف عام على تفجر الأزمة الصحية العالمية، لا تزال هناك فجوات هائلة حول ما يعرف عنها، فيما تعيق الأسئلة التي لا أجوبة لها القدرة على احتواء المرض ومنع الأوبئة في المستقبل، بينما تغذي حربا كلامية بين واشنطن وبكين بشأن أصول الفيروس.
وتشير بلومبرغ إلى أن حوالي 70 في المئة من الأمراض المعدية الناشئة لدى البشر حيوانية المنشأ أو تنتقل من الحيوانات. ويظهر تسلسل الجينوم لـسارس-كوف-2 ارتباطه باثنين من الفيروسات التاجية المميتة الأخرى التي نشأت في الخفافيش.
ويعتقد أن الفيروس الجديد قطع نفس مسيرة متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية اللتين انتقلتا إلى البشر عبر مصدر حيواني ثانوي. وبالنسبة للأولى، أشار الخبراء إلى قطط الزباد المستخدمة في أطباق صينية كقناة محتملة، بينما يعتقد أن الإبل هي الناقل بالنسبة لميرس.
لكن المحققين في أصول كورونا المستجد لم يتمكنوا بعد من تحديد الحيوان الذي يشكل مضيفا متوسطا.
والجمعة، قال باحثون في منظمة الصحة إن القطط المنزلية يمكنها نقل الفيروس إلى القطط الأخرى، على الرغم من عدم وجود أدلة حتى الآن على أن الحيوانات الأليفة يمكن أن تنقله إلى البشر.
وتقف أمام المهمة العلمية الجديدة لمعرفة المزيد عن أصول الفيروس في الصين، قضايا عملية لإجراء تحقيقات نزيهة في ظل نظام سياسي استبدادي وتنافس جيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، وفق الموقع.
وتتهم واشنطن وحكومات أخرى الصين بإخفاء معلومات عن الفيروس، وتحدث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن "أدلة هائلة" تثبت أن كورونا تسرب من مختبر ووهان حيث ظهر الوباء أواخر عام 2019.
ويشير غالبية الباحثين في العالم إلى أن كورونا المستجد انتقل إلى الإنسان عبر حيوان. ويعتقد باحثون صينيون أن سوق ووهان هو مصدر العدوى، إذ تباع فيه حيوانات برية حية.
وفي مقابلة مع مجلة "سيانتفيك أميركان"، أكدت الباحثة شي زينغلي، وهي من أبرز باحثي علم الفيروسات في الصين ونائبة مدير مختبر "بي4" الذي يتحدث عنه بومبيو، أن التسلسل الجيني لسارس-كوف-2 لا يتطابق مع أي من فيروسات كورونا الموجودة عند الخفافيش التي تجري دراستها في معهدها.
العلماء لا يزالون يسألون أين وكيف قفز الفيروس إلى البشر، إذ إن أسواق الحيوانات البرية مثل تلك الموجودة في ووهان التي تم تتبع العديد من الحالات الأولى للمرض فيها، كانت متورطة سابقا في انتشار أمراض.
لكن بالنسبة للمرض الجديد، يبقى الخبراء غير متأكدين إن كان تفشي كورونا قد انطلق بالفعل من السوق أم أن ما حدث هو فقط اكتشافه هناك.
ونسب تقرير بلومبرغ إلى عالم أمراض البيئة في منظمة إيكو هيلث غير الربحية، بيتر داسزاك، قوله إن من المحتمل أن كورونا الجديد ظهر قبل نقطة البداية المفترضة وهي ديسمبر، وربما حتى خارج ووهان.
تعقب الفيروس إلى أصله النهائي سيحتاج إلى تعاون من الحكومة الصينية وقليلا من الحظ، بحسب بلومبرغ، وسيحتاج المحققون إلى وصول غير مقيد إلى سوق ووهان وبائعي الحيوانات البرية وبيانات المرضى وأنواع الحيوانات.
وختم المقال بالتأكيد على أهمية إجراء أبحاث أفضل واعتماد أنظمة مراقبة للفيروسات الحيوانية الناشئة والرقابة على أسواق الحيوانات البرية، وحذر من أن ثمن الحفاظ على السرية إزاء أصول سارس-كوف-2 سيكون باهظا.
وقال داسزاك "إن لم نفعل شيئا، وإذا واصلنا ما نقوم به طوال الـ50 سنة الماضية، سيكون هناك (وباء) آخر".(وكالات)