ما زال الغموض يلف حقيقة فايروس كورونا الذي لا زالت تئن تحت وطأته البشرية جمعاء، فهناك من يؤيد أن إنتاج "كوفيد19"، جاء بمثابة بديل عن الحرب التقليدية، بقصد ضرب اقتصاديات دول بعينها في مقتل.
ويرى أنصار هذه الفرضية أن العالم سيستفيق ذات يوم قريب بلا وجود للفايروس، لكن الوقت لم يحن بعد حتى يتم تحقيق المبتغى منه، بعد أن وجهت أصابع الاتهام للولايات المتحدة الاميركية، في "تخليق" الفايروس المستجد، ايذانا منها، بإعلان الحرب التجارية على منافستها الصين، لتقزيم دورها وكبح جماح تمدد التنين الصيني، برغم حجم الأذى الذي لحق بها، وعانت من تداعياته وآثاره، سواء أكان على الصعيد الصحي أو الاقتصادي.
ويؤمن أصحاب هذه المدرسة، أن إنتاج الفايروس جاء لعبة سياسية من جانب الولايات المتحدة الأميركية، للحد من نمو اقتصاديات بعض الدول، على رأسها الصين، التي تقف شوكة في حلق صانع القرار الأميركي، لتهشيم اقتصادها الذي يتمدد بشكل بات يهدد هيمنتها على العالم، وعكفت على تطوير الفايروس، بقصد إعادة إنتاج اللعبة السياسية، ووضع حد أمام تقدم الصين الاقتصادي، الذي بات يشكل خطرا مباشرا يهدد مصالح الولايات المتحدة وعائقا امام تفردها في امتلاك القرار الدولي.
مؤيدو هذا الرأي، يدافعون عن وجهة نظرهم بالقول، أنه بعد أن تمكن التنين الصيني من امتلاك أدوات اقتصادية مكنته من السيطرة بموجبها على معظم أسواق العالم، بما فيها السوق الأميركي، الذي يعتمد سوقه الاستهلاكي على إنتاج الصين، أدخل الدولتان في مرحلة كسر عظم ارتقت إلى مستوى
الحرب التجارية، فواشنطن تحاول من جانبها فرض سيطرتها وسطوتها بقوة السلاح، فيما ارتأت بكين إلى فرض سيطرتها من خلال أحكام قبضتها وهيمنتها على العالم، عبر بوابة الاقتصاد.
ومن المعلوم أن الميزان التجاري بين البلدين يميل بمئات المليارات لصالح الصين، مما حدا بالإدارة الأميركية إلى وضع معيقات أمام الصادرات الصينية لأكبر مستهلك في العالم، من خلال الزيادة الملحوظة على الرسوم والضرائب والتعريفة الجمركية، والذي ردت عليه بكين بإجراءات مماثلة، مما شكل حنقا أمام اللاعب الدولي الأول، الذي استهوى اللعب بمقدرات ومصالح الدول والشعوب وفق رؤيته وبما يخدم مصالحه فقط.
ومن المعلوم أن الميزان التجاري بين البلدين يميل لصالح الصين وفق الإحصائيات منذ العام 1986,إذ بلغت قيمة الصادرات الصينية إلى الأسواق الأميركية منذ عام 2000 بما يزيد عن 6.2 تريليون دولار، فيما بلغت صادرات الولايات المتحدة للسوق الصيني نحو 1.5 تريليون دولار.
العالم ما بعد كورونا سيكون بنكهة مختلفة، إذ ستهوي اقتصادات وتصعد أخرى، والبقاء بالضرورة سيكون من نصيب من باستطاعته إمساك خيوط اللعبة بإحكام جيد.
تراشق الاتهامات بين واشنطن وبكين لن يغير أو يبدل في معادلة الفايروس المستجد، وستبدي لنا الأيام القادمات بعد انجلاء ملفات بعينها، ما يرسم للعالم، فما خفي أدهى وأعظم.