بالرغم من ان الولايات المتحدة هي المركز العالمي لتفشي وباء الكورونا المستجد بوجود حوالي مليون ونصف حالة، ووصف الرئيس الأمريكي ترامب لهجوم الكورونا بانه الاسوأ تاريخيا على الولايات المتحدة ويفوق الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر وهجمات الحادي عشر من ايلول الا ان ذلك لم يمنع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من اجراء اول زيارة خارجية له ومنذ شهر آذار الماضي الى إسرائيل، ومن شأن ذلك ان يثبت وبشكل قاطع مدى حجم التزام الإدارة الامريكية الحالية بدعم اليمين الإسرائيلي واطماعه.
لم تمنع قيود الطيران والاغلاقات الحدودية وسياسات التباعد الاجتماعي ان يقطع في يوم الأربعاء المقبل وزير خارجية دولة تعاني من أعنف هجوم لجائحة تعتبر الاسوأ خلال المائة العام الأخيرة حوالي 9 الاف و490 كم، وهي المسافة التي تفصل بين واشنطن العاصمة والقدس المحتلة، ليبارك لحكومة الوحدة الإسرائيلية – الوليد غير الشرعي لصفقة القرن المشؤومة.
الموضوع الأساسي في اجندة المحادثات الثنائية سيكون الاتفاق حول كيفية إتمام الحكومة الإسرائيلية لخطوات ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة في غور الأردن وشمال البحر الميت وعدد من المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية، وسيستند الاتفاق بينهما على مخرجات لجنة مشتركة لرسم الخرائط تضم خبراء من البلدين يسعون للاتفاق على مساحة الأراضي التي سيعلن ضمها وموقعها وحدودها، ويشرف على عملها مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر وهو الخبير بالشؤون العربية لسنوات طويلة في مركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ويثبت ان الجانب الأمريكي موافق من حيث المبدأ على قيام الجانب الإسرائيلي بضم احادي الجانب للأراضي الفلسطينية المحتلة وبدون اشتراط وجود اتفاق مع الجانب الفلسطيني.
اما فيما يخص كيفية إتمام الاتفاق على ضم الأراضي فمن الواضح ان الجانبين الإسرائيلي والامريكي يراهنان على انشغال المجتمع الدولي، وبالأخص الدول العربية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بإجراءات مواجهة الوباء والتعاطي مع تداعياته الاقتصادية السلبية مما سيضعف من صلابة الضغوط العكسية الرافضة لمخططاتهم، ويعول الجانب الإسرائيلي ايضاً على رفض متوقع من الجانب الفلسطيني على العودة غير المشروطة لمحادثات سلام مما سيتيح له الإسراع بإتمام إجراءات أحادية الجانب عبر طرح مقترح ضم أراضي للتصويت امام الكنسيت خاصة انه لا يوجد عائق امام نتانياهو داخل الحكومة بحيث تم الاتفاق مع شريكه بالحكومة غانتس(اقل حماسة حول مسألة الضم) على استثناء قرار الضم بعد حلول الأول من تموز من نطاق حق النقض الممنوح لغانتس ضمن اعمال وقرارات حكومة الوحدة و بالتالي لا يحق له الاعتراض على ذلك.
ويترافق كل ما سبق الإشارة اليه أعلاه مع مخاطر متصلة بالانتخابات الرئاسية الامريكية وشعور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتهديد من منافسة الديمقراطي، والمصيبة هنا ان يسعى الرئيس الأمريكي الى ان يعوض هذا الشعور بالتهديد الناجم بشكل أساسي عن الاثار السلبية لفشل تعاطي ادراته مع الوباء وما رافق ذلك من خسائر اقتصادية وتراجع بالنمو الاقتصادي وفقدان ملايين الوظائف وما سيكون لذلك من اضعاف لموقفه الانتخابي عبر ان يلجأ لدعم وأصوات اليهود الأثرياء وأبناء الطائفة الانجليكانية المؤثرة مقابل مباركته لقرار الضم الإسرائيلي قبيل موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة خاصة ان هنالك تخوف وسباق مع الزمن من قبل انصار صفقة القرن من احتمالية فوز مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن والذي اعلن رفضه لقرارات الضم واكد تمسكه بحل الدوليتن.
وهنا يكمن السؤال: اين العرب من كل ذلك؟