(الرأي) قبل شجاعة الشجعان
عصام قضماني
09-05-2020 02:20 AM
هذا هو شعار صحيفة الرأي غير المكتوب، فيه قصة الصحافة الورقية التي يراد وأدها حية قبل أوانها، هل سيستيقظ الاْردن ذات صباح بلا رأي؟.
(الرأي) أصبحت صحيفة لأن القارئ هو من حملها بين يديه صباح كل يوم ومنحها صفة "واسعة الانتشار" ووسم صحيفة الوطن الأولى وهو من يقرر أن الحاجة لها انتهت.
ظلت (الرأي) الصحيفة واقفة وعلى مدى نصف قرن مرت خلالها عشرات الحكومات وذهبت، بأمزجتها وسياساتها فتقرر مرة استمالتها ومرة تطويعها ومرة السيطرة على مواقفها.
وصفت بصحيفة الوطن الناطقة غير الرسمية بلسانه وبصحيفة الاْردن الرسمية لكنها بقيت (الرأي) قبل شجاعة الشجعان وهي العلامة التجارية التي اجتذبت اليها القراء وجعلتها مزارا للوزراء والشخصيات العامة ولرؤساء حكومات الذين اعتبروها حقيبة وزارية عند كل تشكيل.
(الرأي) جزء من تاريخ الاْردن وسجله المكتوب في أوراقها الصادرة صباح كل يوم تضم أحداثا حملها الأردنيون في ذاكرتهم كتاريخ لا يمحوه هواه هبطوا على المشهد الإعلامي بفضل السوشال ميديا أو مؤمنين به تطربهم فوضاه وتمنحهم شرعية هندسة إعلام خال من صحافة ورقية.
العالم الافتراضي لا يزعجهم فهو لا يقيم رأيا منظما، وجهات النظر فيه تبعث بزر وتختفي بنقرة لكن الصحافة المنظمة والقوية برأي ثابت لا يجف حبره مزعجة عندما تشكل رأيًا عامًا تقوده.
عالم افتراضي صيغته سياسة القطيع بلا ندية حكمت تاريخ العلاقات بين الصحافة والحكومات تتحول المعلومة فيه الى شائعة والرأي الى فتنة ووجهات النظر الى خربشة مبعثرة تصنع نجومًا من فيديو او صورة او تعليق يلمع فجأة كما يزول .
لا تستطيع الحكومة أي حكومة أن تدير ظهرها للصحافة، وإن كانت الصحافة تنتظر مدها بالمال كي تبقى فهو مال الدولة وهو للجميع لكن تحتاج لان تترك لشأنها مع قارئها بلا تاني.
مياه كثيرة جرت منذ ان حل الضمان مالكًا في (الرأي) بعد أمر دفاع كان نقل حصص الأغلبية فيها إلى المؤسسة الأردنية للاستثمار ذراع الحكومة للتأميم آنذاك.
لم تكن (الرأي) حينذاك مشروعا استثماريا ولم تكن فرصة لمعت فجأة لكن لأسباب لم ولن يطويها النسيان.
بحساب الربح والخسارة لم يكن مقصد استثمارات الضمان في (الرأي) الربح وإن كانت الحكومات التي قررت أو أبقت الضمان رغم خسارته في ذلك العصر ربحت منبرا مؤثرا وخزانا مد البلاد بخيرة الرجال والنساء صاروا وزراء واعيانا ونوابا وسفراء وقادة مجتمع.
في هذه الأجواء اغتنمت (الرأي) فرصا كثيرة لكنها فوتت فرصا أكثر أهملها مغتربون عن رسالتها ومهنتها لمواكبة الرقمنة والتكنولوجيا وابتعدوا بها إلى ما آلت اليه اليوم لكنها مع ذلك ستبقى العلامة التي سيحتار المهندسون الجدد في اُسلوب تغييبها عن المشهد.
ثمة ملاحظة جديرة.. كلما أراد سيد البلاد أن يكتب للعالم فإنه يختار صحيفة ورقية لنشر ما يكتب..(الرأي)