صدمة شديدة تلقيناها أول من أمس حيث ارتفعت حالات الإصابة بفيروس كورونا بشكل لم نكن نتوقعه بعد غياب الإصابات داخل حدود المملكة لمدة 8 أيام، وبعد أن كانت الحكومة أعلنت عن اتخاذها الإجراءات المشددة اللازمة لمنع دخول المصابين من سائقي الشاحنات عبر الحدود البرية بعد الإعلان عن تسجيل إصابة أحدهم دخل إلى إربد ولم يلتزم بالحجر المنزلي وخالط أقرباء وأصدقاء ومعارف وغيرهم.
لم تكن صدمة المواطنين من ارتفاع عدد المصابين بالفيروس فقط، وإنما من الإجراءات الحكومية المتبعة والتي من المفترض وحسب ما أعلنته الحكومة عند اكتشافها الإصابة الأولى لسائق، أن تحجر على السائقين الداخلين للمملكة عند الحدود لمدة 14 يوما بعد فحصهم وذلك لعدم الالتزام بالحجر المنزلي.
لذلك، وبعد الإعلان عن تفاصيل الإصابات الجديدة أول من أمس وكلها لمخالطي السائق المصاب الجديد، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الشعبية وغيرها من الأوساط موجة انتقادات لاذعة للحكومة وإجراءاتها لم تتوقف حتى اللحظة.
إن الإصابة الجديدة للسائق، والتي تسببت بارتفاع أعداد المصابين، تستوجب من الحكومة في الدرجة الأولى إعادة النظر بإجراءاتها وآليات تطبيقها على الأرض؛ فهنا لا يمكن غض النظر عن وجود مشكلة حقيقية في التطبيق الحكومي للإجراءات المعلنة، وأيضا في الإجراءات ذاتها.
يبدو، ومما يظهر أمام أعين الناس، أن هناك تقصيرا في آليات التعامل على الحدود البرية، وأن الحكومة لم تطبق ما أعلنته، ولم تنشئ مكانا للحجر على الحدود، واكتفت بالطلب من السائق الحجر المنزلي وهي تعرف تماما من التجربة عدم جدوى هذا النوع من الحجر.
بعد هذا التطور المرعب والخطير، وأيضا بعد «فشل» و»ارتباك» بعض القرارات الحكومية بات هناك اعتقاد لدى الكثيرين أن الحكومة تفضل تحميل المواطنين، مسؤولية الخلل الذي تنتجه قراراتها وعدم تطبيقها على الأرض من قبلها، بدلا من أن تتحملها هي، ما أدى إلى توسع مساحة الارتباك وأيضا في عودة انتشار الفيروس وتزايد الإصابات به.
الحكومة تعترف، أنها في أحيان تخطئ وتتعلم من أخطائها، ولكن هنا لا نتحدث عن أخطاء، وإنما عن تقصير خطير، أعادنا تقريبا إلى المربع الأول من مكافحة الفيروس، بالرغم من كل الإجراءات المشددة التي تم اتخاذها طوال الفترة الماضية والتي تحملها المواطنون والاقتصاد الوطني للوصول إلى الهدف المنشود والمتمثل بخلو الأردن من الفيروس.
إذا أرادت الحكومة أن تذهب ب عيدا في مكافحة الفيروس، والحد من انتشاره عليها أن تقر بالتقصير في تطبيق إجراءاتها، وأن تحاسب المقصر حسابا شديدا وفق القوانين والأنظمة السارية.
إن «التطبيل» والمديح المتواصل وغير المستند للحقائق للإجراءات الحكومية سيؤدي للمزيد من الإصابات بالفيروس لا سمح الله، ولكن النقد البناء للإجراءات الخاطئة أو التي يشوبها خلل ما أو لطريقة تطبيقها، يستدعي التوقف مليا وإعادة النظر ومحاسبة المقصرين والتقدم للأمام.
إن مطالبة الحكومة بمحاسبة المقصرين حتى ولو كانوا أعضاء فيها ليست مطالبات عابرة، وإنما أصبحت مطالبات شعبية، فالتشدد لا يجوز أن ينحصر بالتعامل مع المواطنين فقط، وإنما يجب أن يطال كل من يقصر ولا يلتزم بالتعليمات ومن يتلكؤ بتنفيذها.
وإذا لم تلب الحكومة هذه المطالبات، فإننا سنشهد، وقد بدأنا نشهد بدايات لذلك، انتقادت شديدة للحكومة، وتحميلها كل الأخطاء التي وقعت. وهذا يعني أن الحكومة التي شهدت مديحا شعبيا وإشادة غير مسبوقة الأيام الماضية نتيجة إجراءاتها في مكافحة الفيروس ستشهد أفولا على هذا الصعيد وذلك بسبب عدم تطبيقها إجراءاتها وعدم محاسبة المقصرين من الفريق الحكومي والمسؤولين.(الغد)