لا بد لنا بدايةً من القول إن الأردن تميّز بطريقة إدارته الباهرة لأزمة كورونا، وأصبح العالم يتكلم عن نجاح الدولة الأردنية، بتوجيهات من جلالة الملك، في محاصرة الفيروس، والحفاظ على صحة الناس في الداخل، واتخاذ قرارات اتسمت بالبُعد الإنساني، مثل إعادة الطلبة الأردنيين من الصين أولاً ومن ثم وضع خطة لإعادة جميع الطلبة الذين يدرسون في الخارج ويودون الرجوع للبلد .
وقد كان لسرعة اتخاذ القرارات آثار إيجابية في نجاح إدارة الأزمة. وقد أعطيت الأولوية، في البداية، للصحة على الأمور الأخرى وأهمها طبعاً الاقتصاد.
وحالياً؛ يقف الأردن أمام خيارات صعبة، في مواجهة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، وبخاصة تأثيراته الاقتصادية، وكان لا بد من إعادة فتح النشاط الاقتصادي، لضمان مواصلة عمل القطاعات الإنتاجية ولا سيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تضررت بشكل كبير من الإغلاق.
ولكن من الواضح أن تحقيق التوازن بين محاصرة الفيروس وفتح المعابر للاستيراد والتصدير، لهو أمر غاية في الصعوبة. وهذا ما شاهدناه مؤخراً، إذ انحصرت الإصابات بسائقي الشاحنات.
لكن السؤال المهم هو: هل نستطيع إغلاق هذه المعابر مؤقتا ولمدة شهر مثلاً ؟ وما مدى تأثرنا بمثل هذا القرار؟ ألا نستطيع وقف التصدير والاستيراد والاكتفاء بمنتوجاتنا المحلية والاستغناء، ولفترة بسيطة، عن المنتج غير المصنّع في الأردن ؟
لا شك في أن التبعات الاقتصادية لإغلاق المعابر ليست بالسهلة، ولكن بالمقابل فإن تبعات تفشي المرض مرة أخرى ستكون أخطر صحياً
واقتصادياً.
وإذا تعذر اتخاذ قرار الإغلاق جراء اعتماد فئة لا بأس بها من التجار على هذه التجارة، ولضرورة إدامة تزويد السوق المحلية من بعض البضائع ودعم المخزون الاستراتيجي منها مثل المستلزمات الطبية والمواد الغذائية، فلا بد إذاً من اتخاذ أجراءات صحية أكثر صرامة، مثل أن يتم تفريغ حمولات الشحن دون تواصل العاملين عليها مع الناس، ونعلم بأن هذا كان ضمن أحد إجراءات السلامة المقررة في الأردن، ولكن يبدو أن على الحكومة التشدد أكثر في التطبيق، وعدم التهاون مع من يخرق هذا الإجراء. بالإضافة إلى فرض الحظر الصحي على السائقين الأردنيين في كل مرة يدخلون بها البلد.
بالرغم من كون فرض الحجر الصحي لسائقي الشاحنات ليس سهلاً، إلا أنه لا بدّ في هذه الظروف من اتخاذ إجراءات مشددة جداً حتى لا يتغير مشهد الانتصار إلى، لا سمح الله، مشهد انهزام أمام هذا الوباء.