في ظل فض الدورة العادية الرابعة و الاخيرة لمجلس الأمة دونما دعوة لاجراء انتخابات، وفي ظل الاحاديث عن دورة استثنائية لاقرار رزمة قوانين اللامركزية والبلديات وامانة عمان، والمناخ النفسي السيء الذي ولدته ازمة كورونا، فان فرص اجراء الانتخابات في موعدها تبدو ابعد.
الدستور ينص على اجراء الانتخابات في الاشهر الاربعة الاخيرة التي تسبق انتهاء السنوات الشمسية الاربع لعمر المجلس، وقانون الانتخاب يتضمن مهلا قانونية لاستيفائها لا بد من توفير ١٠٢ يوم من تاريخ الدعوة للانتخاب. وهذا يعني انه ان لم يدع جلالة الملك لانتخابات في الاسبوع الاول من حزيران، فانه على الارجح لن يدعو لها. وفي حال عدم اجراء الانتخابات في موعدها الدستوري فان الفرص تتعدد ما بين التمديد للمجلس الحالي او عودته للانعقاد تلقائيا او اقدام جلالة الملك على حله قبل انتهاء عمره الدستوري بايام معدودة وهو ما يمنح مهلة جديدة لاجراء الانتخابات لا تقل عن ٣ اشهر بعد ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٠.
ولكن واقع الحال يقول إن الشعب مل من هذا المجلس خاصة في ظل ادائه المتواضع طيلة السنوات الاربع الماضية والتي لم يفلح تجميلها الطارئ بصحوات عارضة في تغيير صورته في الأذهان، والواقع ايضا يقول ان الاكثرية فاقدة للصلة تماما بهذا المجلس ولا تشعر بانه يمثلها او يعبر عن طموحاتها، وهو ما تؤكده استطلاعات الراي حول المجلس.
في الوقت ذاته فإن رعب الكورونا يجعل احتمالية اجراء انتخابات تقليدية حيث تذهب الناس الى الصناديق وتصطف على الدور وتعقد المهرجانات الجماهيرية أضعف خاصة تحت تأثير حالة الاحباط العام من المجلس ومن الوضع الاقتصادي الذي يتدهور باستمرار وينذر بالأسوأ إن لم تبادر الحكومة الى وضع خطة ناجعة لانعاش الاقتصاد.
ما هو الحل؟
انتخابات الكترونية وتصويت عن بعد؟
ما هي المخاطر؟
احتمالية التزوير واردة، ولكنها واردة في كل الحالات وبالطرق التقليدية اكثر من الالكترونية.
ما هي المكاسب؟
١. رفع نسبة الاقتراع وتحسين التمثيل وخفض تأثير المال السياسي وافراز نواب أفضل، إذ اتوقع ان لا تقل نسبة الاقتراع في حال اجراء انتخابات الكترونية عن ٨٠% من الناخبين الذين يحق لهم التصويت، خاصة ان فتح الباب لمليون مغترب اردني للتصويت بارقامهم الوطنية من المكان الذي يتواجدون فيه. ومما لا شك فيه ان ارتفاع نسبة التصويت تعني ارتفاع التمثيل، وهذا سيأتي بمجلس اعضاؤه افضل بمراحل من الحاليين، وسيضعف دور المال السياسي فلا احد يحمل احدا الى الصندوق ولا يدفع له بناء على البطاقة، ولا احد يحرج احدا، فالكل يستطيع التصويت من داره او مكان عمله وبضمير حر دونما ضغط او اغراء، وسيتلاشى تقريبا تاثير هذه الفئة من نواب البزنس او يضعف فهي تنجح دوما باصوات الاقلية التي تبيع صوتها او تجيره ثمنا لخدمات قدمت او ستقدم.
٢. خفض نفقات العملية الانتخابية الى رقم لا يتجاوز ١٠٠ -٢٥٠ الف دينار بدلا من مئات الملايين ، هذه الكلفة هي كلفة اعداد التطبيق الالكتروني الذي سيتم التصويت واحتساب الاصوات من خلاله. وفي المقابل سيتم الاستغناء عن جيوش العاملين في العملية الانتخابية من لجان الانتخابات والاجهزة الامنية والمعلمين وموظفي الداخلية وغيرهم، وهو ما سيوفر على الخزينة المرهقة الكثير.
٣. خفض تكاليف الانتخابات على المرشحين وتحسين نوعية الصراع الانتخابي، اذ ستتحول الاكثرية من المرشحين الى حملات انتخابية الكترونية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وربما عبر وسائل الاعلام، وهذا لن يخفض فقط الكلقة المالية للتواصل المباشر، بل سيعطي زخما لصراع الافكار والبرامج وليس صراعات المال والنفوذ، وسيتسابق المرشحون الى اقناع الناخب، بالاخص المثقف، بدلا من اللجوء الى الكادحين فقط وحملهم الى الصناديق تحت ضغط الحاجة في ظل عزوف الاكثرية من الطبقتين الوسطى والعليا عن الاقتراع تقليديا.
٤. عدم الحاجة لاعلان عطلة يوم الانتخاب، فالتطبيق الالكتروني متاح للاستخدام من اي مكان في العمل او البيت ولن يستغرق التصويت للفرد الواحد اكثر من ١٥ دقيقة في تقديري كي يحدد دائرته ويختار القائمة التي سيصوت لها.
٥. الحد من الاحتكاكات والمشاجرات والعمليات الثأرية التي تحدث عادة يوم الانتخاب، خاصة جر اء الملاسنات امام صناديق الاقتراع ومحاولة الاستيلاء عليها في بعض المناطق.
٦. اعطاء صورة حضارية ديمقراطية حداثية عن الاردن ستضعنا في مقدمة الدول الجريئة الرائدة وستشجع غيرنا على الاحتذاء بنا.
٧. ستحصل الدولة على مجلس نواب اكثر تمثيلا يعبر عن ارادة الاكثرية وليس الاقلية وسيحظى بمتابعة كبيرة لاعماله لان كل من سينتخب في ذلك اليوم سيشعر انه استثمر في قائمة او فرد او فريق سياسي وسيتابع اداء ممثليه في مجلس النواب، وهو ما سيسحب صواعق تفجير كثيرة كان هذا المجلس قد تسبب بها بسبب ضعف اداء الاكثرية فيه.
مشكلة واحدة قد تواجه هذا الطرح، بالاضافة الى انه فريد من نوعه، والبعض لا يحب الاقتراحات الجديدة او تغيير ايقاعه المعهود وطريقته الروتينية في ادارة الاعمال وهؤلاء سيكونون في مجلس النواب ومواقع أخرى،. هذه المشكلة هي كيف سبخفي التطبيق هوية من اقترع للقائمة الفلانية والفرد الفلاني او الافراد داخلها، لان سرية الاقتراع شرط دستوري لا بد من احترامه، فان تمكننا من حل هذه الاشكالية من خلال تطبيق ذكي متطور نكون قد تغلبنا على هذه العقبة الدستورية.
هذه مجرد دعوة للتفكير خارج الصندوق، أتمنى ان تجد لها آذانا صاغية، وهي قابلة للنقاش والتطوير والتجويد وقابلة ايضا للرفض، كعادة اكثرية الناس في التعامل مع الافكار الجديدة.
حمى الله الاردن أرضا وشعبا وقيادة، وحمى الانسانية جمعاء من الاخطار المقبلة.