الإعلام .. إعلامي مبدع وليس مؤسسات
شحاده أبو بقر
06-05-2020 12:26 PM
لا تزال دول عديدة وبالذات في ما يسمى دول العالم الثالث , تعتقد أن ما يلزمها لبلوغ أهدافها السياسية تحديدا , يمكن أن يتحقق عبر تأسيس مؤسسات إعلامية كثيرة تنفق عليها أموالا طائلة من موازنات حكوماتها . هذا إعتقاد خاطيء تماما .
قلنا مرارا أن الإعلام ليس وظيفة عادية كأي وظيفة , بل هو عمل " إبداعي " مائة بالمائة , وبالتالي فإن إعلاميا واحدا موهوبا ومبدعا , بمقدوره تحقيق ما تعجز عنه مؤسسات إعلامية وظيفية عديدة تضم مئات الموظفين الذين يمارسون العمل الإعلامي كوظيفة عادية لا أكثر .
الأمثلة عديدة في هذا العالم عن إعلاميين موهوبين ومبدعين أكسبوا مؤسساتهم ودولهم ثقة جماهيرية واسعة جدا , من خلال برامج إعلامية تجسد إبداعهم ويحرص الكافة على متابعتها .
وفي المقابل الأمثلة أكثر عن مؤسسات توظف أشخاصا كثيرين وتنفق أموالا كثيرة ولا تحظى بأقل قدر من تفاعل جمهور المتلقين لمخرجاتها ,والسبب أنها تؤدي مهمة وظيفية مجردة من أي إبداع .
الإعلامي الحر المبدع والمؤثر هو كالشاعر الكبير والرسام الفذ والفنان القدير والخطيب المفوه وسوى ذلك من موهوبين مبدعين قادرين على تحريك مشاعر المتلقين نحو الفرح أو الغضب أو الحزن أو الإستفزاز الإيجابي وطنيا أو قوميا أو دينيا وإنسانيا .. ألخ .
للأسف في عالمنا العربي ما زال معظم إعلامنا وظيفيا لا يملك الموهبة الإبداعية التي تثير مشاعر وبالتالي مواقف وقناعات جمهور المتلقين في أي إتجاه يذكر .
السبب أن حكوماتنا لم تقتنع أو لم تكتشف بعد أن الإعلام ليس مؤسسات وظيفية وحسب , وإنما هو إعلاميون مبدعون وموهوبون أصلا , فكما لا يقول شعرا جميلا إلا من كان موهوبا ومبدعا , فلن يقدم إعلاما موضوعيا مؤثرا وفاعلا إلا من كان موهوبا ومبدعا في توظيف الحرف والكلمة والوقت والظرف في صناعة منتجه الإعلامي .
إعلامي واحد موهوب مبدع أفضل بكثير من عشرات المؤسسات المكلفة التي توظف أشخاصا عاديين لا موهبة ولا إبداع لديهم . هذا ليس ذنبهم بل ذنب من أوصلهم معتقدا خطأ أن بمقدورهم تحقيق المراد .
ملحوظة : ما سبق ينسحب ولسوء الحظ على معظم الإعلام العربي وإعلام الدول النامية . الله من وراء قصدي وعذرا إن رآى أحد أنني قد تجنيت .