أقصد أسطوانات الغاز التي بلغ عطاؤها العام الماضي 500 ألف أسطوانة والعام الذي سبقه 350 ألف أسطوانة وكلها مستوردة من تركيا بينما يغلق مصنع محلي نشأ خصيصا لتصنيع أسطوانات الغاز لأن المصفاة رفضت أن تحيل إليه ولو ربع مستورداتها.
كنت أثرت الموضوع في مقال سابق وجاء ردّ من مصفاة البترول في حينه لم أجده مقنعا وكان واضحا أن إدارة المصفاة لا تريد أبدا إعادة النظر في الموضوع، وبعد التغيير الأخير في إدارة المصفاة تشجع المستثمرون مجددا لإعادة فتح الموضوع، وقبل كتابة المقال كنت أرغب في تقصي الأمر مع وزير الطاقة د. خالد الايراني لكن لم أحصل على موعد معه بعد، وأقدّر حجم انشغاله هذه الأيام مع الخطط المطلوب تقديمها وهو جديد على هذا الموقع ولا بدّ أن لديه ملفات لا حصر لها ينبغي مراجعتها وآمل أن يجد الوقت لمراجعة هذه القضية.
والقضية اطلعت عليها بالصدفة في مناسبة عزاء وقررت أن أكتب عنها عسى أن يجد الأمر صدى يساعد المستثمرين الذين لم أعرفهم ولم أستطع حتى الاتصال بهم بعد ذلك لأخذ توضيحات حول ردّ المصفاة الذي نشرته “الغد”. لكن قبل أيام اتصل بي أخيرا رئيس هيئة المديرين وقدم لي بعض الوثائق المتعلقة بالموضوع. ويبدو أن الأمل عاوده وزملاءه في الشركة وهي أردنية لبنانية مشتركة لإحياء المشروع بعد الخسائر الفادحة التي ترتبت على إغلاق المصنع قبل أن يبيع أسطوانة واحدة. وقد قدم لي بعض الوثائق وأتوقع أن الجهات الحكومية وقبلها إدارة المصفاة ستبادر سريعا للنظر في الأمر.
أنا لا أوجه أي اتهام للإدارة السابقة للمصفاة لكنني لم أهضم أبدا موقفها. الاردن قد ينتقل في بعض القطاعات الى نقل الغاز عبر الانابيب لكن لسنوات طويلة مقبلة سيبقى يعتمد على الأسطوانات التقليدية التي نحتاج منها دوريا مئات الآلاف، فكيف لا نشجع وجود مصنع محلي يغطي ولو جزءا من احتياجاتنا؟! هذا مع العلم أن المصفاة هي المشتري الوحيد لأنها المورد الوحيد للغاز. حسب الوثائق فقد كان ردّ المصفاة العام قبل الماضي ان المصنع جديد ولايمكن الوثوق بقدرته على انتاج المطلوب وبالمواصفات الضرورية ولذلك لم تقبل ابتداء استلام وثائقه للدخول في العطاء، أمّا في العام الماضي فقد شارك في العطاء لكن أسعاره كانت أعلى قليلا من الأتراك ( 29,8 دولار مقابل 27,15 دولار). ولنترك جانبا حق الصناعة المحلية في هامش تفضيلي معقول، لكن المصنع أبدى استعداده للتفاوض على السعر ليصل دون المستوى التركي وهذا يحدث في العطاءات، لكن المصفاة رفضت النظر بالأمر ولو لجزء من العطاء بحجّة أخرى هي عدم استجابة الاسطوانة للمواصفات، وهو ما تنفيه إدارة المصنع التي تقول إن المصفاة ترسل مندوبين إلى تركيا لمتابعة الاشراف على سير التصنيع وفق المواصفات. وقد طلبت منها ان تفعل الشيء نفسه مع المصنع وهو على بعد 50 كيلومترا فقط. وأخيرا المصفاة تبيع الاسطوانة بمبلغ 45 دينارا فطلب المصنع أن يبيع في السوق مباشرة وبسعر يقارب 21 دينارا فقط للمواطن ، لكن يبدو أن هذا كان سببا إضافيا ووجيها لدفع المصنع للإغلاق!
jamil.nimri@alghad.jo
الغد