في الاقتصاد يقال أن وراء كل هبوط صعود، لكن ما حدث في هذه المرة لا يخضع لما يسمى بالدورة الاقتصادية التقليدية بل هو هبوط مباغت نتج عن أزمة مباغتة.
خذ مثلًا الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي انفجرت في عام 2008، لتعم العالم بأسره، فهي لم تتسبب بكساد بل كانت
نكسة تسببت بركود وكانت فقاعة انفجرت استغرق تصحيحها اكثر من خمس سنوات بالرغم من التدخل القوي للحكومات والبنوك المركزية، ما حال دون حدوث الإفلاسات وعولجت بتحفيز الاقتصاد بزيادة الإنفاق العام لكن الثمن كان عجوزات كبيرة وديونا عالمية فاقت الناتج الإجمالي العالمي كله، مع ذلك استغرق العالم وقتًا طويلا مع المعاناة في ظل نمو متواضع.
ذات الحلول يضعها العالم موضع التنفيذ في مواجهة هذه الأزمة غير التقليدية وهي ضخ السيولة في شرايين الاقتصاد بشكل غير مسبوق، لكن بلا مخاطر تضخم بمعنى غياب التوازن بين العرض والطلب.
بعد مضى ١٢ سنة على انفجار الأزمة، ما زالت الاقتصادات العالمية تعاني، ولم تستطع الخروج من الازمة والانطلاق في مرحلة جديدة من النمو المرتفع الذي جرت العادة أن يتلو مرحلة الركود.
دخل العالم هذه الأزمة الجديدة بينما ما زال نمو الاقتصاد العالمي لا يتجاوز 3% وهذه النسبة المتواضعة أصبحت في مهب الريح الان والتحسن النسبي في الاقتصادات اصبح من الماضي وهذه الأزمة لن تسمح للنمو أن يتجاوز 2% في أحسن الأحوال.
الاقتصاد الأردني يدخل هذه الأزمة بمعدل نمو حول 5ر2%، ولم يكن متوقعا أن يجتاز عتبة 3% من دون الأزمة ودخوله في انكماش يعني نموا سالبا على أساس أن الانكماش سيبلغ ٣،٤٪ .
عملياً ليس امام الحكومة سوى زيادة الإنفاق العام وتحمل العجز الواسع والمزيد من المديونية وحفز البنوك على التوسع، ولكن النتائج غير مضمونة.
قد تكون مثل هذه الحلول مصطنعة وقد تفلح في تحقيق نتيجة سريعة تعالج الوضع الراهن لكن الثمن زيادة عجز الموازنة وارتفاع المديونية ما يهدد الاستقرار المالي والنقدي.
من الحلول طويلة المدى زيادة الإنتاج بالاستغلال المكثف للتكنولوجيا والبرامج الإلكترونية ودعم القطاعات كثيفة العمالة وفتح السوق بدلا من التشدد وتنشيط الأعمال لزيادة الإيرادات الحكومية بدلًا من المغالاة في الجباية والتبشير بالانفراج ورواج الأعمال بدلا من رسم صورة قاتمة لمستقبل السوق ومحدودية الفرص لأن التشاؤم يكرس نفسه لكن ذلك سيحتاج الى صبر وتضحية.(الرأي)