ما ان اطلت بوادر نصر مملكتنا الحبيبة على جائحة كورونا وبدأت الحياة تعود رويدا رويدا الى طبيعتها (وان كان ذلك بشكل بطيء) مع كل ليلة صفرية خالية من الإصابات بحمد الله و منته علينا حتى بدأنا نسمع ببعض أصوات النشاز التي عودتنا أن تغرد خارج السرب بمناسبة أو بدون مناسبة وهذه الاصوات نفسها بدات تعبر عن امتعاضها من الإجراءات الحكومية والقرارات المتعلقة بالحجر وساعات الحجر لا سيما واننا دخلنا في ظل هذه الجائحة في شهر رمضان الفضيل فحضر الشهر وغابت كثير من طقوسه بسبب هذه الجائحة والتي اسال الله الا يمر جله الا وقد تخلصنا من أثارهذا الوباء الاجتماعية و النفسية علينا على اقل تقدير.
هذه الأصوات النشاز بدأت تبث أفكارها الغريبة بعد أن بقيت مختبئة طيلة الفترة الماضية منذ بدايات الجائحة لا صوت لها نسمعه.
فمن هذه الأصوات السلبية تلك تقول ان عدد الإصابات في المملكة لا يستحق كل هذه الإجراءات والاحترازات التي قامت بها الحكومة والسؤال هنا هب لو أن الدولة بكامل مؤسساتها وكوادرها والتي أعلنت حالة الطوارئ قبل غيرها من الدول و بشكل مبكر أقول هب لو انها تقاعست عن فعل ذلك ماذا ستكون نتائج هذا التقاعس؟؟؟!!! وما هي الأرقام التي كنا سنصدم بها من مرضى ووفيات؟؟!!! وقد رأينا بأم أعيننا حجم وتأثير هذه الجائحة على الأنظمة الصحية في دول صناعية كبرى كفرنسا وألمانيا وبريطانيا وحتى الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول التي كانت وكنا نتعنى بها و بأنظمتها الصحية وامكانياتها قدراتها على مواجهة الكوارث والمواقف الصعبة فوجدناها عاجزة عن حماية مواطنيها.
هي الأصوات ذاتها بدأت تروج لفكرة أن عدد الوفيات بسبب الأنفلونزا الموسمية العادية يفوق عدد وفيات فايروس كوفيد19 في العالم فلما كل هذه الجلبة؟؟؟!!!! ولهؤلاء نقول أن فايروس الأنفلونزا يأتي في كل عام بشكل اعتيادي وطبيعي وبوجوده نعيش حياتنا الطبيعية بعيدا عن حالة التوتر التي سببها فايروس كورونا لانه اي فايروس الانفلونزا العادي معروف للجميع ولا يعطل حياتنا ولا يتركنا اسرى الحجر المنزلي حيث الخوف والقلق والارتياب العظيم من تطورات الوباء ومالاته التي لا قدر الله كانت ستودي بالكثيرين ممن نحب، كما ان الانفلونزا لا تسبب اي تعطيل للاقتصاد كما فعل بنا كوفيد 19 الذي ترك أثاره المدمرة على اقتصادنا الوطني الاردني واقتصاديات العالم ككل، وأصحاب هذا الطرح السطحي غيبوا بقصد او بغير قصد مثل هذه الآثار عند حديثهم عن أعداد الضحايا التي خلفها كوفيد 19 .
وحتى أكون منصفا وأكثر واقعية وموضوعية فلا بد ان نلتمس العذر للبعض ممن اعتادوا عدم الثقة بالقرارات الحكومية وهو أمر أنتجته السياسات الخاطئة لبعض الحكومات والتي أوصلتنا الى هذا الحد من الشك والتشكيك في كل قرار وهو ما بدا واضحا من أراء البعض هنا وهناك، فعلى سبيل المثال لا الحصر قضية عودة الطلبة الدراسين في الخارج كانت الأصوات تتعالى وتضغط بشدة على صانع القرار من اجل عودة هؤلاء الطلبة وبدأت الاتهامات توجه للحكومة وخلية الازمة بانها تهمل هذه الفئة ولا تلقي بالا لمصيرهم في بلاد الغربة والاغتراب، وما ان جاء الفرج وخرج القرار المنتظر بشوق بالبدء بترتيب خطة عودتهم حتى بدأنا نسمع اصواتا تحذر من هكذا قرار متسرع وغير مدروس وان ما حققناه من تقدم في مواجهة هذه الجائحة سيقتل على صخرة عودة الطلبة وهكذا وغيرها الكثير من المواقف السلبية التي يصدرها لنا البعض عبر منصات التواصل الاجتماعي ليل نهار عدا عن المساهمة في بث الشائعات الهدامة وعادة جلد الذات التي لا تكاد تفارقنا في كل شؤون حياتا اليومية.
لطالما ناديت بحرية الجميع في التعبير عن آرائهم ولم اكن يوما مع تكميم الافواه ولكن ما أود قوله في هذا المقام أننا مطالبون في هذه الأيام المباركة بان نحمد الله ونشكره على عظيم رحمته بنا فلم يفجعنا بمن نحب ولم نرى الوفيات بالمئات بل بالآلاف توضع في الأكياس البلاستيكية (نعم أكياس بلاستيكية) وتلقى في حفرة عميقة وتغمرها الآليات بالتراب وتدفن بعيدا عن موتانا دون صلوات وجنائز ومراسم عزاء كما جرى في كثير من تلك الدول.
حياتنا قصيرة أكثر مما نفكر ونعتقد وقد تنتهي بأية لحظة فالموت قريب منا جميعا سواء بوباء او بغيره شئنا أم أبينا، لذا وجب علينا أن نقبل عليها بايجابية أكثر، مبشرين لا منفرين، مؤمنين بان الأمر كله لله، ولا ننسى وعده الحق لنا حينما قال جل في علاه وبشر الصابرين.
وختاما حمى الله الأردن وشعبه وقيادته الهاشمية ليبقى دائما موضع فخرنا جميعا ومنارة يقتدي بها الآخرون.