من الطبيعي ان تكون تجربة الكورونا قد وضعت امامنا صورة المشهد الاردني حاضرا ملامح المستقبل الذي تبين انه بامس الحاجة لفكر العطاء والانتاج وبناء الذات بعيدا عن التطلع والتصور الخارجي او الاعتماد في جزء منه على الخارج. فالعالم بأسره مصاب وتبين ان هذه الدول الغنية والمتطورة لا تستطيع في مستقبلها الا البحث عن حلول خلفتها تداعيات الكورونا والمآسي الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي خلفتها هذه الجائحة غير المنتهية عند حد بل استمرارها وتطورها سنة بعد سنة.

الفكر الذي ينطلق من النظرة الخارجية والاعتماد عليه اصبح في خطر شديد ولا يجوز على الاطلاق ان نستمر بوضع مستقبل الوطن ضمن هذا المنعطف الاخطر, وهذا النهج الذي جعلنا دولة معتمدة وأدى الامر تضخم الديون لمستويات خطرة وفرغت الدولة من مؤسساتها الناجحة وابنائها المبدعون. واصبح القطاع الخاص قطاعا معتمدا على الحكومة في ادائه ومشروعاته. واصبحت الشخوص المطلوبة, شخوصا يجيدون التزلف والتحذلق والليالي الحمراء والتفذلق باللغات والارتباطات الخارجية غير المفيدة لنا.

جائحة الكورنا بينت وبشكل صريح ان الاردن وفي امكاناته استطاع ان يتخطى هذه الجائحة وبسواعد وطنية محافظة, لا يعرفون غير الوطن ولا يعملون الا للوطن ولا ينطلقون الا لهذا الوطن, ليس لهم اجندات خارجية, ولا يرتبطون بمؤسسات او هيئات خارجية ترسم مستقبل الدول حسب مصالحها وتحرص على ابقائها تابعة ومستعمرة لها الى ابد الآبدين. وهنا لا بد من الاشارة الى ان المحافظين, هم من يؤمنون بمقدرات الوطن وامكانياته وابداعات ابنائه وامكانية النهوض به والارتقاء بمكوناته. وليس اؤلئك الذي قفزوا على المحافظين بمعناهم التمثيلي، ليحصدوا المناصب ويحصلون على العطاءات والمصالح والمنافع بعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن.

تجربتنا اليوم صفحة مكتوبة بالخط الاحمر وابطالها هم ابناء الوطن جميعا ومؤسساتنا العتيدة وخاصة المؤسسة العسكرية والامنية التي اثبتت معنى العطاء والاحترافية والابداع , بعيدا عن الوصفات الخارجية التي ارهقتنا وتوهتنا.واعادتنا للوراء.

فكر الاردن القادم لا بد وان يركز على مثل هؤلاء ، وعلى الفكر الانتاجي في الزراعة والصناعة والخدمات كأولوية والتي ستقود الى قطاع تجاري اقتصادي عالى المستوى , وهذا بدوره يحتاج سواعد ابنائه وفكرهم التاريخي , الذي قدم الانتاج على الاستيراد والاكتفاء على الاعتماد .

في حقبة الكورونا حيث انغلق العالم على نفسه وانطلقت كل دولة تبحث عن مخرج لها ، وفي سباق محموم في الكثير من الوعود المخيفة والتوعد المرعب . فكان الاردن صورة ارادة وفكر واستجابة رسم اللوحة لنفسه بعيدا عن لضى تلك الانحرافات الدولية التي سيتحمل العالم نتائجها المرة , وكان الاردن في انسانه وقيادته، بالفكر والتصميم والقدرة , والخصائص التي ابهرت العالم ، بقدرته وامكاناته المتواضعة وتحدياته من قيادة الوطن وعلى الدوام الى بر الامان . بعيدا عن الوجبات والوصفات والتوجيهات الجاهزة التي اوقعتنا بها المستحدثون .

نجاح الاردن بتغليب مصلحته الانتاجية على تصورات الوصفات الخارجية وتمكين هؤلاء القادرين المحافظين المنتجين على قيادة حركة التطوير والانتاج والعطاء وفق انضباطية متميزة رايناها وشاهدنا في التعامل مع ازمة الكورونا .

لقد ارهق المواطن وبلغ منه العناء حده الاعظم , وان الاستمرار بنفس النهج واستمرار تمكين من عينه الى الخارج انما صورة من الانتحار , على اعتبار ان العالم مشغول بنفسه وبمشاكله ، وان واقع الصراع القادم سوف يكون اعنف واشد واعقد، وليس للدول الفقيرة دور ، ضمن اطار التحالفات الكبرى التي سيخرج الجميع منها خاسرا. .

آن الاون ان نعيد التفكير وننتبه لانفسنا ، ونصحح نهجنا , فقد عانينا من نهج العولمة رغم اننا انفتحنا على العالم وتفاعلنا معه وتشاركنا في العديد العديد من القيم الانسانية وحماية حقوق الانسان وحريات البشر في اديانهم ومعتقداتهم وفكرهم. واذا كنا كذلك فالاساس هو انسانية البشر وخدمة قضايا وتحقيق عدالة وليس التمثيل على الانسان وظلمه بمسميات يصنعها القوي

الوطن الاردني مليء بالكوادر وفي التخصصات كافة , فالننتبه لزراعتنا وانتاجها بعد تطويرها , فهذا القطاع لم يخذلنا باحرج الاوقات , وكذلك قطاع الصناعة وخاصة الصحية الذي لبى النداء وعمل ابنائه ليغطوا حاجتنا وحاجة اصدقاءنا واشقاءنا ، وهذ السمعة الاردنية في التعامل مع الفيروس بالتزامه بشروط المكافحة والنظافة والطهارة والتعقيم والخبرات الطبية الصحية العلمية . وقبلها ادارة خلية الازمة العسكرية .