ليس صحيحا ان ملف كازينو البحر الميت اغلق وانتهى الامر, فالمسألة ليست بهذه البساطة التي اعتقدها بعض المسؤولين, فهناك اطار قانوني معقد يحكم طرفي الاتفاق مبرم بين الحكومة واحد المستثمرين.
ما يجري اليوم هو تسوية قانونية هدفها النهائي تجميد تنفيذ رخصة كازينو البحر الميت وليس الغاء الاتفاقية السابقة التي ابرمت قبل اكثر من عامين, فالرخصة التي منحت لم تلغ ولن تلغى, فهي موجودة وحق لصاحبها المستثمر بموجب القانون.
طبعا الحكومة لن تسطيع ان تقدم توضيحا تفصيليا لما يحدث الآن من مفاوضات تسوية مع مستثمر الكازينو لاسباب قانونية نتفهم دواعيها جيدا, لكن الشارع يرغب بالحقيقة التي يسمح بنشرها القانون, وهي ان رخصة الكازينو باقية بيد المستثمر ولا يستطيع احد ان ينزعها منه إلا اذا استعد لدفع الغرامات المالية الموجودة في اتفاق الكازينو.
عندما تعاملت حكومة الذهبي مع اتفاق الكازينو كانت تعلم انها غير قادرة على التنصل من الاتفاق من طرف واحد, لذلك استندت الى اسلوب التسوية بالتراضي مع المستثمر الذي ابدى هو الآخر تفهما جيدا لقرار الحكومة يإيقاف المشروع.
المفاوضات بين الطرفين ارتكزت على تعديل بند في الاتفاقية بحيث يمنح الحكومة حق تحديد الوقت الذي تراه هي مناسبا لاقامة الكازينو وفق المعطيات التي تضعها مع اعطاء الاولوية للمستثمر في تنفيذ المشروع.
وبهذا تكون الجهود الحكومية انحصرت في تأجيل تنفيذ المشروع وتجميد العمل برخصة الكازينو وليس الغاءها, فهذا امر غير ممكن من طرف واحد, لكن ما هو المقابل الذي جعل المستثمر يوافق مبدئيا على التعديل?
اساسا كانت هناك غرامات مالية كبيرة على الحكومة ان تدفعها اذا تنصلت من الاتفاقية, لكن المفاوضات بين الجانبين والقناعة من المستثمر بأن الحل بالتراضي هو الاسلوب الامثل جعله يفاوض على تعويضه جراء تعطل تنفيذ مشروعه السياحي في البحر الميت بشكل كامل, لانه اساسا عبارة عن منتجع سياحي يشمل الكازينو يقام على ارض مساحتها 117 دونما على الاراضي المحاذية لشاطئ البحر الميت.
الصيغة السابقة للتسوية كانت تقضي ان تمنح الحكومة المستثمر قطعة الارض ذاتها في البحر الميت لكن بمساحة 100 دونم وليس 117 كما كان في السابق مع 50 دونما اخرى يتم تحديدها في مكان ما والقطعتان يتم التعامل معهما وفق مبدأ البيع وخاضعتان لقوانين الاستثمار, الا ان تطورات طرأت على المفاوضات ادت الى تأخير التوقيع على التسوية بسبب عدم الاتفاق على تحديد مكان قطعة الارض الثانية البالغ مساحتها 50 دونما, مما جعل المستثمر يقبل بعرض جديد من التسوية وهو ان يحصل على كامل قطعة الارض التي خصصت له اساسا في البحر الميت لاقامة مشروعه والبالغ مساحتها 117 دونما وليس 100 هذه المرة مقابل ان يتخلى عن القطعة الاخرى, وعلى هذا الاساس سيتبلور اتفاق التسوية الجديد بين الحكومة والمستثمر في غضون الاسابيع القليلة المقبلة.
ملف الكازينو لن ينتهي, فالرخصة ممنوحة وباقية واذا ما قررت الحكومة السير في المشروع كما فعلت حكومة سابقة فان المستثمر الحالي للكازينو سيكون هو صاحب الاولوية في التنفيذ, وكل ما جرى في العامين الاخيرين هو تأجيل المشروع لا اكثر.0
العرب اليوم
salamah.darawi@gmail.com