منجلي ومن جلاه راح لصايغ جلاه
أسماء سليمان الطويسي
04-05-2020 03:39 PM
قبل بزوغ الشمس ومع اشراقة يوم جديد وبهمة عالية ونشاط وسعادة ينطلق الفلاحون لحقول القمح والشعير وقد سبقتهم الأغاني والأهازي كم من طاقة إيجابية يحملون خيوط شمس ذهبية، نسمات الهواء العليل قطرات الندى التي ما إن تلمسها الشمس حتى تبدوا وكأنها تحفة كريستال تملأ صدورهم بالهواء النظيف وقلوبهم بحب الأرض والإنسان والمكان.
القلوب صافية لا تعرف الا الحب والتضحية والفكر صافي، هل نعتقد أن هناك في ذلك الزمن الجميل من يعاني اكتئاب
وهل من يعاني بكثرة معاناة هذه الأيام من أمراض مختلفة لا بد أن الجسم سليم والفكر نظيف، المنجل بطل الموقف منجلي ومن جلاه راح لصايغ جلاه.
المنجل لمن لا يعرفه اداة يدوية بسيطة يستعملها الفلاح في حصاد القمح والشعير للحفاظ على يديه من الجروح بأقل نسبة وتساعد في سهولة وسرعة الحصاد وقد كان لها أهمية في كل بيوت الفلاحين في موسم الحصاد وقد كان لوجوده دلالات كثيرة ما هو معنوي وما هو مادي.
وبغض النظر عن أي مدلول لهذه الأداة البسيطة سابقا فقد تُركت ولم يعد لها وجود إلا في حدود ضيقة وهذا ما انعكس سلبيا ولمدى بعيد عندما كان المنجل سيد الموقف في الاعتماد على الذات في قمحنا الذي نأكل كانوا أسياد زمنهم فمن يعتمد على نفسه في غذائه ولا يعمتد على غيره هو بالتأكيد سيد.
كان الاعتماد كلي في إنتاج الطعام على ما يزرع وما يُصنع في البيوت واليوم إذا اغلقت المخابز يوم واحد وأُغلقت الحدود في وجه الاستيراد لا بد وأن الجوع والمهانة هي مصيرنا.
عندما كان الآباء والأجداد يتغنون بالمنجل كانت الحياة بسيطة وكانت مرهقة جسديا ولكنها كانت مصدر السعادة لهم
كان التآلف والتراحم هو سيد الموقف في العلاقات الاجتماعية.
وكان البطل أيضا هو المنجل الذي يجمع الأهل والجيران على قلب واحد لم يترك الجار جاره في موسم الحصاد بل كانو يتعاونون جميعا في موسم الحصاد، يا لك من عظيم ايها المنجل فقد صنعت في نفوس الناس ما لم تستطيع صنعه كل المحاضرات وورش العمل والمؤتمرات في أهمية الاعتماد على الذات وايضا في التعاون والتكافل بين الناس وأوجدت السعادة الحقيقة لناس وبينها لناس، ترى هل سيعود المنجل يزين البيوت ويأخذ مكانة مهمة في المنازل كما كان وهل سيعود لتعود الألفة والتكافل بين الناس، لا بد أن تعود ليعود الخير، وأن تمتلي ايدينا من اشواك الحقول وطينة الحقول.
لنغرس ونزرع ونعود لناكل مما نزرع، ليعود الفرح كما كان ليتغنى الشباب كما تغنى الآباء والأجداد بك منجلي ومن جلاه رايح لصايغ جلاه، وتعود الأهازيج التي كانت تُغنى لتخفف من التعب وتحفز الحصادين على السرعة في إنجاز اكبر كمية انجاز للاستعداد للانتقال في مساعدة عائلة أخرى ما أروع ان يكون التعب متعة.