قراءة أولية في تجربة التعليم عن بعد في الحالة الأردنية
د. محمد فخري صويلح
03-05-2020 08:52 PM
تعد تجربة التعليم عن بُعد تجربة جديدة التطبيق في الساحة الأردنية،، وما بين ناقد لها،، ومعجب بها ،، كان لا بد لنا من وقفة فاحصة لهذه التجربة ،، إذا يجلس على مقاعد الدراسة في المدارس والجامعات الأردنية ما يزيد عن مليوني طالب،، تعرضوا لتجربة قاسية وتحت ظل ظروف ضاغطة لعملية تعلم يفترض بها أن تكسبهم معارف تؤهلهم للتصعيد للصف التالي أو للتخرج للحياة ولسوق العمل،، ولهذا وجب تقييم التجربة والتقاط جميع الملاحظات التي واكبتها .
وبين يدي التجربة الأردنية كانت جملة من الملاحظات،،ومنها:
أولاً: تجربة التعليم عن بعد ،، تجربة عالمية ،، وليست حالة أردنية فقط،، نجحت في بعض الدول ،، وفشلت في أخرى.
ثانياً: تحتاج تجربة التعليم عن بعد لإنجاحها إلى مجموعة عوامل تتظافر فيما بينها لتحقيق نجاح التجربة ومنها ،، بنية تحتية تربط طرفي العملية وأقصد بذلك المعلم والمتعلم ،، وتهيئة الطرفين وتدريبهم على آليات التعليم عن بعد ،،وأدوات تعلم غير تقليدية لهذا النوع من التعليم ،، وأدوات تقييم غير تقليدية كذلك لمخرجات العملية،، وبيئة بيتية حاضنة تكفل نجاح ما سبق.
ثالثاً: للتجربة الأردنية مستويان وهما : التعليم المدرسي والتعليم الجامعي،، ولكل ظروفه ومعطياته.
رابعاً: في ضوء ما سبق ،، للمتابع أن يأخذ بالملاحظات التالية لإجراء تقييم منطقي:-
١) البنية التحتية غير جاهزة في أغلب الجامعات والمدارس - إن لم يكن في كلها-.
٢) المعلم والأستاذ الجامعي غير مؤهلين بشكل كافٍ للتعاطي مع التعليم عن بعد ،، ويكفي أن تعرف أن بعض أساتذة الجامعات إلى اليوم لا يعرف كيف يشغل جهاز الكمبيوتر.
٣) الطالب غير جاهز للتلقي عن بعد،، وما زال يعتمد على التلقين والحشو أكثر من اعتماده على التفكير المستقل.
٤) أدوات التعليم عن بعد ما زالت بدائية وكذلك منصات التعليم،، ولم تواكب الطريقة المفترضة للتعليم عن بعد.
٥) ما زال الأهالي غير مستوعبين للتعليم عن بعد ،، وأغلبهم يظنه درساً على التلفزيون أو على الواتس أب،، وقد عانى الأهالي أكثر من الطلبة في هذه التجربة،، كما أن أكثر من تحمل عبء هذه التجربة هُن الأمهات.
٦) لم تراعي التجربة إمكانات المناطق والأسر الأقل حظًا أو قدرة أو دراية.
خامساً: أغلب النجاحات المتحققة والتي حصلت على تقييمات إيجابية سببها تفاني المعلم الأردني وعطاؤه الرائع.
سادساً: جزء ليس بسيطًا من الطلبة كان تفاعلهم وهميًا ،، وجزء من المعلمين وأساتذة الجامعات تفاعلوا مجبرين لاعتقادهم أن الأمر مرتبط باستمرارية الرواتب.
ولما سبق من ملاحظات ،، فإنني أدعو القائمين على تجربة التعليم عن بعد إلى عدم التعجل وإطلاق أحكام الإعجاب بالتجربة ،، وإلى ضرورة إجراء دراسة علمية منهجية،، وإلى تطوير التجربة بما يليق بالأردن ومكانة التعليم فيه ،، فالاستثمار بالتعليم عن بعد استثمار بالمستقبل،، ونحن أحوج ما نكون إلى صناعة مستقبل أردني واثق.