القدس العربي: حكومة البانكرز الى الواجهة
بسام بدارين
02-05-2020 02:45 PM
تجدد شخصية من طراز رئيس الوزراء الاردني الاسبق سمير الرفاعي فرصة "الاشتباك" مع التيار المستحكم بقرار الحكومة الآن بقيادة او عبر الرئيس الدكتور عمر الرزاز.
الرفاعي يتحدث مجددا ناصحا ومقترحا والاهم "ملاحظا" وهو يسأل: "كيف نسمح باستعمال السيارات الشخصية ونصر على العطلة الرسمية؟. ثم يصل الرجل إلى الاستنتاج الملاحظ الاهم ”..بعض القرارات والإجراءات يبدو انها بالقطعة”.
هل تعني الكرة التي يدحرجها الرفاعي للمرة الثالثة في ملعب الرئيس الدكتور عمر الرزاز شيئا محددا خارج سياق "مواطن بخبرة يدلي برأيه"؟.
الجواب غير حاسم الان والانتظار هو الاهم لكن في الاثناء تخرج من "العلبة الكلاسيكية" أوصاف الصراع التيارتي.
لكن هذه المرة ليس على اساس "فوبيا التيار الاسلامي" او مخاوف "التوطين" بل على أساس مفردات تتحدث عن "رموز البانكرز" الذين يجتمعون خلف الستارة لتحديد الشخصية التي تناسب مصالحهم إذا ما تقرر ان تسقط ورقة حكومة الرزاز.
تلك مسألة أثارت معدلات متابعة وقراءة مدهشة في اوساط النخب الاردنية بعدما وردت إلى جانب تعبير "الدولة الاقتصادية العميقة الجديدة" التي تحاول استغلال "ضعف الدولة العميقة القديمة" في مقال مثير للجدل نشرته وكالة عمون لكاتب لا يعرف الاردنيون هويته بعد وإسمه آدم درويش.
بعيدا عن درويش وتلميحاته يمكن القول بان الاسبوع الماضي شهد تكاثفا عدديا في منطقة رجال الدولة الذين "يلاحظون" على اداء قرارات وإجراءات وزراء الرئيس الرزاز.
في الأثناء يحصل مثل هذا التلاقح والتسريب والهمز واللمس والتلغيم الصالوناتي في الوقت الذي لا تحتمل فيه ظروف البلاد إلا التوحد الحقيقي في مواجهة أزمة قال رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري للقدس العربي بوضوح أنها ستكون "حادة" ماليا واقتصاديا موقعا .."اقتضى التنويه" وبدون تفاصيل.
أول الملاحظين بجرأة على قرارات واتجاهات الحكومة وبوقت مبكر وتفصيلي منطقي كان الرئيس الرفاعي في عهد كورونا وتداعياته.
عندما سألت القدس العربي الرفاعي عن تلك الروح النقدية كان الجواب: هذه روح وطنية وأنا مواطن الان ولدي رأي ولزاما علي ان اقوله بهدف النصح السديد لان المرحلة صعبة لأن الوطنية والانتماء والولاء والضمير عناصر لا تقبل القسمة على اثنين.
لكن ما يقوله الرفاعي في المتابعة “حفز” عمليا آخرون لإبداء الرأي.. هنا تحديدا تحدث المصري لأول مرة علنا ونصح وقدم رأيا وقبله استقبل تلفزيون المملكة نائب رئيس الوزراء الاسبق الدكتور محمد الذنيبات ملاحظا ومثيرا للجدل وهو يقترح نسبة اقتطاع من أرباح الشركات الكبرى تحت عنوان ”الوقوف في أزمة مع الوطن”.
ثمة تيارات تتصارع بالتأكيد اليوم علق الرزاز بين اجنداتها في قطاع البنوك كان المتبرع الأكبر وله رأي في مسارات الأحداث والقطاع الخاص غير البنكي غرق تماما بدوره بسلسلة من الاعتبارات البيروقراطية المسيسة والوزراء مرتبكون تماما لكن الجميع مهووس بالسؤال: ماذا سيحصل معنا بعد انقشاع غبار كورونا؟.
حتى اللحظة لا ضمانات إلا رؤية الملك وتحركاته وصلابة الجهاز العسكري والأمني.
لكن ذلك الانقسام التياراتي الاجنداتي بدأت رائحته سياسيا وإعلاميا تزكم الأنوف والعنوان وحده ورد على لسان وزير الثقافة الاسبق محمد ابو رمان مبكرا.. "مش وقته".
ولا أحد يريد اليوم وسط التجاذب أن يجيب بروح وطنية منصفة على السؤال "متى يحين الوقت؟".
في لغة الذنيبات كما سمعتها القدس العربي مباشرة: الوطن أولا وقبل أي اعتبار آخر.
ولكن التكتيك سياسيا على الاقل في "الرد والاشتباك" واضح على مسار طاقم الرزاز وهو حصريا "التشدد وتخويف الرأي العام" مجددا والأهداف غامضة فلا أحد في المملكة يريد "خسارة المنجز ضد كورونا" لكن جميع الـ "لا أحد" مصرون على النجاح أيضا في معركة "العودة للحياة الطبيعية".
هنا وسط كل هذه التجاذبات والتعقيدات لا أحد يستطيع تفكيك لغز التصريح الذي أثار فيه وزير الصحة النشط سعد جابر مخاوف الاردنيين مساء الجمعة وبكل بساطة عندما حذر من "موجة فيروس اكثر قسوة في الطريق" ملمحا لان الحظر الشامل قد يعود بأي لحظة.
الوزير جابر أعلن أن عمر الفيروس خمسة اشهر فقط وهو "خصم مجهول" لكنه في الاثناء لم يجب على السؤال التالي: كيف علمت معالي الوزير بأن الفيروس "المجهول الذي يخفق العالم بالتنبؤ بمساره" سيعود بصورة أقسى للأردنيين حصريا قريبا؟.
على الأرجح "لا جواب" لأن المسائل في الاردن- وهذا أسوأ ما فيها- بدأت توحي بولادة نسخة "سياسية" من فيروس كورونا تصيب النخبة في الهلوسة والتسارع والفوضى والارتجال.
التسييس يشمل جميع الفاعلين ..في الحكومة وفي المعارضة وفي القطاعين البنكي والصناعي على الأقل والجميع بإنتظار "صافرة الحكم" مع الاحتمال المرجح أن يغادر الملعب –ولو بعد حين- لاعب من وزن الرزاز بدليل أن الساسة وليس العاملون بالاعلام فقط يسألون اليوم عن هوية واسم "الخليفة" في كرسي الرئاسة لـ "حكومة الدوار الرابع" التي أصبح إسمها حكومة "البانكرز" فجأة.
القدس العربي